أنف الْقَوْم من مزاحمة الْخلق فِي سوق الْهوى وَقَوي كرب شوقهم فَلم يحتملوا حصر الدُّنْيَا فَخَرجُوا إِلَى فضاء الْعِزّ فِي صحراء التَّقْوَى وضربوا مخيم الْجد فِي ساحة الْهدى وتخيروا شواطي أَنهَار الصدْق فشرعوا فِيهَا مشارع البكا وانفردوا بقلقهم فساعدهم ريم الفلا وترنمت بلابل بلباهم فِي ظلام الدجا فَلَو رَأَيْت حزينهم لطلب الرِّضَا على جمر الغضا فيا مَحْبُوسًا عَنْهُم فِي سجن الْحِرْص والمنى إِن خرجت يَوْمًا من سجنك لترويح شجنك من غم الْبلوى عرج بِذَاكَ الْوَادي
للشريف الرضي
(عارضا بِي ركب الْحجاز أسائله ... مَتى عَهده بأيام سلع)
(واستملا حَدِيث من سكن الْخيف ... وَلَا تكتباه إِلَّا بدمعي)
(فَاتَنِي أَن أرى الديار بطرفي ... فلعلي أعي الديار بسمعي)
(كلما سل من فُؤَادِي سهم ... عَاد سهم لَهُم مضيض الوقع)
(من معيد أَيَّام جمع على مَا ... كَانَ مِنْهَا وَأَيْنَ أَيَّام جمع)
(طَالب بالعراق ينشد هَيْهَات ... زَمَانا أضلّهُ بالجزع)
يَا معوقا عَنْهُم بِكَثْرَة الْحَوَادِث خلص المَاء من ضيق الأنابيب وَانْظُر كَيفَ يسْرع إِلَى مَتى تألف عش الصِّبَا سَافر مَعَ الرِّجَال لَو عبرت بطن النجف لاستنشقت ريح الْحجاز حدث نَفسك بِأَرْض نجد يهن عَلَيْهَا عبور الْعقبَة ذكرهَا قرب منى وَقد درجت المدرج
للمهيار
(من بمنى وَأَيْنَ جيران منى ... كَانَت ثَلَاثًا لَا تكون أَرْبعا)
(سلمبتوني كبدا صَحِيحَة ... أمس فردوها عَليّ قطعا)