(عدمت صبري فَجَزِعت بعدكم ... ثمَّ ذهلت فعدمت الجزعا)
(ارتجعوا إِلَى لَيْلَة بحاجر ... إِن تمّ فِي الفايت أَن يرتجعا)
(وغفلة سرقتها من زمني ... بلعلع سقى الْغَمَام لعلعا)
يَا صبيان التَّوْبَة هلالكم خفى فدوموا على الْمُعَامَلَة يصر بَدْرًا لَا بُد من ضيف ولنبلونكم الطَّبْع يحن إِلَى المألوف وَالْولد يطْلب مَا يَشْتَهِي وَالزَّوْجَة تروم سَعَة النَّفَقَة والورع يخْتم كيس التَّصَرُّف {هُنَالك ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وزلزلوا زلزالا شَدِيدا} أَيدي صبيان التَّوْبَة فِي أَفْوَاههم بعد طعم الرضاء بَينا ليل زللهم قد عسعس إِذْ صبح يَوْم تَوْبَتهمْ قد تنفس فَكلما احترقت قُلُوبهم بالخوف تعرضوا بنسمات الرَّجَاء للعفو
(لَا عدا الرّوح من تهَامَة أنفاسا ... إِذا استروحت تمنيت نجدا)
يَا صبيان التَّوْبَة طبيبكم متلطف تَارَة بالتشويق وَتارَة بالتخويف هَذِه الطير إِذا انْشَقَّ بيضها عَن الْفِرَاخ علم الْأَب وَالأُم إِن حوصلة الفرخ لَا تحْتَمل الْغذَاء فينفخان الرّيح فِي حلقه لتسْع الحوصلة ثمَّ يعلمَانِ أَن الحوصلة تفْتَقر إِلَى دبغ وتقوية فيأكلان من صاروج الْحِيطَان وَهُوَ شَيْء فِيهِ ملوحة كالسبخ ثمَّ يزقانه إِيَّاه فَإِذا اشتدت الحوصلة زقياه الْحبّ فَإِذا علما أَنه قد أطَاق اللقط منعاه بعض الْمَنْع فَإِذا جَاع لقط فَإِذا رأياه قد اسْتَقل باللقط ضرباه بالأجنحة إِذا سَأَلَهُمَا الزق
فتأملوا تدبيري لكم فِي المواعظ الطِّفْل لَا يصبر عَن الرَّضَاع سَاعَة فَإِذا صَار رجلا صَبر عَن الطَّعَام يَوْمَيْنِ إِنَّمَا تقع الكلفة بِقدر الطَّاقَة لما كَانَ الطاير يحْتَاج أَن يزق فرخه لم يحمل عَلَيْهِ إِلَّا تَدْبِير بيضتين وَلما كَانَت الدَّجَاجَة تحضن وَلَا تزق كَانَ بيضها أَكثر وَلما كَانَت الضبة لَا تحضن وَلَا تزق صَارَت تبيض سِتِّينَ بَيْضَة وتحفر لَهُنَّ وتترك التُّرَاب عَلَيْهِنَّ وَبعد أَيَّام تنبشهن فيخرجن كلما قوى