ولهذا سميت الأمة العربية بالأمة الأمية.
وقد كان وجود الكتابة في العرب قبيل الإسلام، إرهاصا (?) لبعثة خاتم الرسل: سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، ليجتمع للقرآن الكتابة في الصحف والتقييد في السطور إلى الحفظ في الصدور، وبذلك يتهيأ للقرآن من دواعي الحفظ ما لم يتهيأ لغيره ويتحقق وعد الحق جل وعلا إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ (9) وأيضا بعد صلح الحديبية، فقد كانت الكتابة من أسباب تبليغ الرسالة المحمدية إلى الملوك والأمراء فقد كاتبهم النبي صلى الله عليه وسلم داعيا إلى عبادة الله وحده، والانضواء تحت لواء الإسلام، ونبذ الشرك وعبادة الأوثان، وبذلك تعدت الرسالة حدود الجزيرة العربية، إلى العالم المعروف آنئذ، وقد عثر على كتاب من هذه الكتب وهو كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المقوقس عظيم القبط، وهو أثر من الآثار النبوية القيمة (?).
ولما جاء الإسلام رفع من شأن الكتابة وتعلمها، وشأن العلم والمعرفة وليس أدل على ذلك من أول سورة نزلت منه، أشادت بالقلم وأنه أداة العلم والمعرفة الكسبيين، وهي قوله تعالى: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ (5) فقوله عَلَّمَ بِالْقَلَمِ إشارة إلى العلم الكسبي، وقوله عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ (5) إشارة إلى العلم الوهبي.
وهذا هو الله سبحانه وتعالى يقسم بالقلم فيقول: ن وَالْقَلَمِ وَما يَسْطُرُونَ (1) وفي القسم به من ذي الجلال إشادة به، وتنبيه الناس إلى ما فيه من الفوائد والمزايا.
وفي الحديث الصحيح المروي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أول ما خلق الله القلم، ثم قال اكتب، فجرى بما هو كائن إلى يوم القيامة» رواه أحمد