شأنها أن تنير الطريق لدارس القرآن ورد الشبه التي أوردها على المكي والمدني بعض القساوسة والمستشرقين ومتابعيهم من الكتّاب المعاصرين.
: ومن فوائد العلم بها:
1 - أنه يعرف به الناسخ والمنسوخ فيما لو وردت آيتان متعارضتان وإحداهما مكية والأخرى مدنية فإننا نحكم بنسخ الثانية للأولى لتأخرها عنها.
2 - أنه يعين على معرفة تاريخ التشريع والوقوف على سنة الله الحكيمة في تشريعه؛ وهي التدرج في التشريعات بتقديم الأصول على الفروع والإجمال على التفصيل وقد أثمرت هذه السياسة التشريعية ثمرتها وعادت على الدعوة الإسلامية بالقبول والإذعان والانتشار، وقد ضربت أمثلة لهذا التدرج في التشريع في حكم نزول القرآن مفرقا.
والعمدة في معرفة المكي والمدني النقل الصحيح عن الصحابة الذين كانوا يشاهدون أحوال الوحي والتنزيل، والتابعين الآخذين عنهم، ولم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك قول، وقد علل ذلك القاضي أبو بكر الباقلاني «في الانتصار» فقال: ولم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك قول؛ لأنه لم يؤمر به ولم يجعل الله علم ذلك من فرائض الأمة وإن وجب في بعضه على أهل العلم معرفة تاريخ الناسخ والمنسوخ فقد يعرف ذلك بغير نص الرسول.
ولعل التعليل بأن المسلمين في زمانه صلى الله عليه وسلم لم يكونوا في حاجة إلى هذا البيان لأنهم يشاهدون الوحي والتنزيل، ويشهدون مكانه وزمانه وأسباب نزوله- أولى من ذاك التعليل (?).
وقد اشتهر بمعرفة المكي والمدني من الصحابة- رضوان الله عليهم- عبد الله بن مسعود- رضي الله تعالى عنه- روى البخاري بسنده عنه أنه قال: «والله الذي لا إله غيره ما نزلت سورة من كتاب الله إلا وأنا أعلم أين