نزلت ولا نزلت آية من كتاب الله إلا وأنا أعلم فيما أنزلت ولو أعلم أحدا أعلم مني بكتاب الله تبلغه الإبل لركبت إليه» وقال أيوب: سأل رجلا عكرمة عن آية من القرآن فقال: نزلت بسفح الجبل وأشار إلى سلع (?). أخرجه أبو نعيم في الحلية.
الأول: ما عليه جمهور العلماء وهو: المكي: ما نزل قبل الهجرة وإن كان نزوله بغير مكة، ويدخل فيه ما نزل على النبي صلى الله عليه وسلم في سفر الهجرة.
والمدني: ما نزل بعد الهجرة وإن كان نزوله بغير المدينة، ويدخل فيه ما نزل على النبي صلى الله عليه وسلم في أسفاره بعد الهجرة كسورة الفتح فقد نزلت على النبي منصرفه من الحديبية.
وهذا الاصطلاح لوحظ فيه الزمان، وعليه فقوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها الآية مدني وإن كانت نزلت بمكة والنبي صلى الله عليه وسلم في جوف الكعبة عام الفتح، وقوله: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً مدني وإن كانت نزلت بعرفة في حجة الوداع وهذا التقسيم حاصر وضابط ومطرد؛ إذ تنعدم على القول به الواسطة ولا يرد عليه ما ينقضه فلذا كان الراجح المقبول.
الاصطلاح الثاني: المكي: ما نزل بمكة ويدخل في مكة ضواحيها كالمنزل عليه بمنى وعرفات والحديبية.
والمدني: ما نزل بالمدينة ويدخل في المدينة ضواحيها كالمنزل عليه ببدر وأحد وهذا الاصطلاح لوحظ فيه المكان؛ ويرد على هذا التعريف أنه غير حاصر لأنه يثبت الواسطة فما نزل عليه بالأسفار لا يسمى مكيّا ولا مدنيّا وذلك مثل ما نزل بتبوك، وهو قوله تعالى: لَوْ كانَ عَرَضاً قَرِيباً وَسَفَراً قاصِداً