الَّتِي يَصح الِاسْتِدْلَال بهَا فجمعوها ورتبوها على أَبْوَاب كتب فقههم وَسموا ذَلِك فن الْأَحْكَام وألفوا كغيرهم كتب الْفَرَائِض مُفْردَة وَكتب الْحساب والجبر والمقابلة وأفردوا كتب التَّوْحِيد عَن كتب المتأولين وَأَكْثرُوا فِيهَا إِقَامَة الدَّلَائِل انتصارا لمَذْهَب السّلف
فجزاهم الله خيرا
وَيحسن بِنَا هُنَا أَن نذْكر بعض مَا ألف فِي كل فن من تِلْكَ الْفُنُون انتقاء للأجود مِنْهَا فَنَقُول أما فن الْخلاف فَهُوَ علم يعرف بِهِ كَيْفيَّة إِيرَاد الْحجَج الشَّرْعِيَّة وَدفع الشُّبْهَة وقوادح الْأَدِلَّة الخلافية بإيراد الْبَرَاهِين القطعية وَهُوَ الجدل الَّذِي هُوَ قسم من أَقسَام الْمنطق إِلَّا أَنه خص بالمقاصد الدِّينِيَّة وَقد يعرف بِأَنَّهُ علم يقتدر بِهِ على حفظ أَي وضع وَهدم أَي وضع كَانَ بِقدر الْإِمْكَان وَلِهَذَا قيل الجدلي إِمَّا مُجيب يحفظ وضعا أَو سَائل يهدم وضعا وَقد علمت مِمَّا سبق فِي أَوَاخِر فن الْأُصُول هَذِه المسالك لَكِن ماتقدم لَك عَام للمجتهدين وَغَيرهم
وَمَا نَحن بصدده الْآن خَاص بالمقلدين الَّذين يجمدون على قَول إمَامهمْ أَو على مَا صَحَّ لديهم من رواياته ثمَّ يسلكون مَسْلَك فن الجدل فِي نصْرَة مَا قلدوه وَهدم مَا لم يقلدوه وَأجْمع مَا رَأَيْته لِأَصْحَابِنَا فِي هَذَا النَّوْع الْخلاف الْكَبِير للْقَاضِي أبي يعلى وَهُوَ فِي مجلدات وَلم أطلع مِنْهُ إِلَّا على المجلد الثَّالِث وَهُوَ ضخم أَوله كتاب الْحَج وَآخره بَاب السّلم وَقد سلك فِيهِ مسلكا وَاسِعًا وتفنن فِي هدم كَلَام الْخصم تفننا لم أره فِي غَيره وَاسْتدلَّ بِأَحَادِيث كَثِيرَة لَكِن تعقبه فِي أَحَادِيثه الْحَافِظ أَبُو الْفرج عبد الرَّحْمَن بن عَليّ الْمَعْرُوف بِابْن الْجَوْزِيّ الصديقي الْقرشِي الْبكْرِيّ الْمُتَوفَّى سنة سبع وَتِسْعين وَخَمْسمِائة وَسمي كِتَابه هَذَا