التَّحْقِيق فِي مسَائِل التَّعْلِيق

قَالَ فِي أَوله هَذَا كتاب نذْكر فِيهِ مَذْهَبنَا فِي مسَائِل الْخلاف وَمذهب الْمُخَالف ونكشف عَن دَلِيل المذهبين من النَّقْل كشف مناصف لَا نَمِيل لنا وَلَا علينا فِيمَا نقُول وَلَا نجازف وسيحمدنا المطلع عَلَيْهِ إِن كَانَ منصفا والواقف وَيعلم أننا أولى بِالصَّحِيحِ من جَمِيع الطوائف ثمَّ قَالَ كَانَ سَبَب إثارة الْعَزْم لتصنيف هَذَا الْكتاب أَن جمَاعَة من إخْوَانِي ومشايخي فِي الْفِقْه كَانُوا يَسْأَلُونِي فِي زمن الصِّبَا جمع أَحَادِيث التَّعْلِيق وَمَا صَحَّ مِنْهَا وَمَا طعن فِيهِ وَكنت أتوانى عَن هَذَا لسببين أَحدهمَا اشتغالي بِالطَّلَبِ وَالثَّانِي ظَنِّي أَن مَا فِي التَّعَالِيق من ذَلِك يَكْفِي فَلَمَّا نظرت فِي التَّعَالِيق رَأَيْت بضَاعَة أَكثر الْفُقَهَاء فِي الحَدِيث مزجاة يعول أَكْثَرهم على أَحَادِيث لَا تصح ويعرض عَن الصِّحَاح ويقلد بَعضهم بَعْضًا فِيمَا ينْقل ثمَّ قد انقسم الْمُتَأَخّرُونَ ثَلَاثَة أَقسَام الْقسم الْقسم الأول قوم غلب عَلَيْهِم الكسل وَرَأَوا أَن فِي الْبَحْث تعبا وكلفة فتعجلوا الرَّاحَة واقتنعوا بِمَا سطره غَيرهم وَالْقسم الثَّانِي قوم لم يهتدوا إِلَى أمكنة الْأَحَادِيث وَعَلمُوا أَنه لَا بُد من سُؤال من يعلم هَذَا فاستنكفوا عَن ذَلِك

وَالْقسم الثَّالِث قوم مقصودهم التَّوَسُّع فِي الْكَلَام طلبا للتقدم والرياسة واشتغالهم بالجدل وَالْقِيَاس وَلَا الْتِفَات لَهُم إِلَى الحَدِيث لَا إِلَى تَصْحِيحه وَلَا إِلَى الطعْن فِيهِ

وَلَيْسَ هَذَا شَأْن من استظهر لدينِهِ وَطلب الْوَثِيقَة فِي أمره وَلَقَد رَأَيْت بعض الأكابر من الْفُقَهَاء يَقُول فِي تصنيفه عَن أَلْفَاظ قد أخرجت فِي الصِّحَاح لَا يجوز أَن يكون رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ هَذِه الْأَلْفَاظ وَيرد الحَدِيث الصَّحِيح وَيَقُول هَذَا لَا يعرف وَإِنَّمَا هُوَ لَا يعرفهُ ثمَّ رَأَيْته قد اسْتدلَّ بِحَدِيث زعم أَن البُخَارِيّ أخرجه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015