لا يجوز أن ينسب إلى الشافعي - رحمه الله - ما يُخَرَّج على قوله، فيجعل قولًا له.
ومن أصحابنا من قال: يجوز.
لنا: أن قول الإنسان ما نَصَّ عليه، أو دل عليه بما يجري مَجْرَى النص، وما لم يقله، ولم يدل عليه، فلا يحل أن يضاف إليه، ولهذا قال الشافعي:
"ولا ينسب إلى ساكت قول"
واحتج المخالف: بأن ما اقتضاه قياس قوله جائز أن ينسب إليه، كما ينحسب إلى اللَّه، وإلى رسوله ما دل عليه قياس قولهما.
قلنا: ما دل عليه القياس في الشرع، لا يجوز أن يقال: إنه قول اللَّه - عز وجل -، ولا قول رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم -، وإنما هذا دين اللَّه، ودين رسوله - صلى الله عليه وسلم - بمعنى أنهما دلًا عليه، ومثل
هذه الإضافة لا تصح في قول الشافعي فسقط ما قالوه.
قالوا: لا خلاف أنه لو قال فيمن باع شقصًا مشاعًا من دار: " إن للشفيع فيه الشفعة " كان ذلك قوله في الأرض، والبستان، والحانوت، وإن لم يذكرهما فكذلك هاهنا.
قلنا: إنما جعلنا قوله في الدار قوله في سائر ما ذكرتم من العقار؛ لأن طرق الجمع متساوية، والفرق بين الدار وغيرها لا يمكن، فجوابه في بعضها جوابه في الجميع،
وكلامنا في مسألتين يمكن الفرق بينهما، فأجاب في إحداهما بجواب، فلا يجوز أن يجعل ذلك قولى في الأخرى.
مسألة:
إذا قال الشافعي في مسألة بقول، ثم قال: " ولو قال قائل بكذا كان
مذهبًا" لم يجز أن يجعل ذلك قولًا له.
ومن أصحابنا من جعل ذلك قولًا له.
لنا: أن قوله: " ولو قال قائل بكذا كالن مذهبًا " ليس فيه دليل على أنه مذهبه، وإنما هو إخبار عن بيان احتمال المسألة لما فيها من وجوه الاجتهاد، فلا يجوز أن يجعل له هذا القول قولا.