واحتج المخالف: بأنه يجوز أن لا يعيد أحد القولين اكتفاءً بما عُرِفَ له من القولين،
ويجوز أن يُفَرع على أحدهما على أن معنى أن هذا القول أوضح فلا يكون ذلك اختيارًا له قطعًا.
قلنا: يحتمل ما ذكروه، ولكن الظاهر ما قلناه، ولأن الإنسان لا يفتى إلا بما ذهب إليه، ولا يُفَرع إلا على مذهبه.
إذا نَصَّ - رحمه الله - في مسألة على حكم، ونَصَّ في غيرها على حكم آخر، وأمكن الفصل بين المسألتين: لم ينقل جواب إحداهما إلى الأخرى، بل تحمل كل واحدة منهما على ظاهرها.
ومن أصحابنا من قال: ينقل جواب كل واحدة منهما إلى الأخرى، فيُخَرج
المسألتين على قولين.
لنا: أن القول إنما يجوز أن يضاف إلى الإنسان إذا قاله، أو دل عليه بما يجري
مجرى القول فأما ما لم يقله، ولم يدل عليه، فلا يحل أن يُنْسب إليه.
ولأن الظاهر أن مذهبه في إحدى المسألتين خلاف مذهبه في الأخرى؛ لأنه نص فيهما على المخالفة، فلا يجوز الجمع بين ما خالف.
واحتج المخالف: بأنه لما نَصَّ في إحدى المسألتين، وفي نظائرها على غيره، وجب أن تحمل إحداهما على الأخرى، ألا ترى أن اللَّه تعالى لما نَصَّ في كفارة القتل على الإيمان، وأطلق في كفارة الظهار، قِسْنا إحداهما على الأخرى، واعتبرنا الإيمان فيهما؟
كذلك ها هنا.
قلنا: نَصَّ على الإيمان في إحدى الكفارتين، وأَطْلَق في الأخرى، فقِسْنا ما
أَطْلَق على ما قَيَّدَ.
وفي مسألتنا صَرَّحَ في كل واحدة من المسألتين بخلاف الأخرى،
فلا يجوز حمل إحداهما على الأخرى، كما تقول في صيام الظهار والتمتع، لما
نص على التتابع في إحداهما، وعلى التفريق في الأخرى لم يجعل حمل أحدهما
على الآخر.