عشرة من الصحابة لو كان كل منهم ضعيفا ثبت حجية المجموع فكيف وبعضها لا ينزل عن الحسن؟ فوجب اعتبارها إلا أن البخارى يقول: لم يثبت منها المواظبة، بل مجرد الفعل إلا في شذوذ من الطرق فكن مستحبا لا سنة؛ لكن ما في هذا الحديث من قوله: "بهذا أمرنى ربى" لم يثبت ضعفه وهو مغن عن نقل صريح المواظبة، لأن أمره تعالى حامل عليها فيترجح القول بسنيته اهـ. ثم قال بعد العزو: قال في المنار: فيه الوليد بن ذروان مجهول لا يعرف بغير هذا الحديث، لكن له سند حسن رواه به محمد بن يحيى الذهلى في العلل اهـ. قال في الإلمام: ودعواه جهالة الوليد على طريقته من طلب التعديل من رواية جماعة عن الراوى وقد روى عن الوليد هذا جماعة من أهل العلم.
قلت: فيه أمور، الأول: نقله كلام ابن الهمام عقب الحديث يفيد أنه بخصوص هذا اللفظ ورد من أكثر من عشرة طرق وليس كذلك، بل ابن الهمام أورد عدة أحاديث في تخليل اللحية مختلفة الألفاظ، ثم قال: فهذه طرق متكثرة عن أكثر من عشرة. . . إلخ والشارح نقل عنه أنه قال: طرق هذا الحديث. . . إلخ، فكان فيه إبهام قبيح وتقويل لابن الهمام ما لم يقل.
الثانى: أن ابن الهمام قال: إلا أنا أبا حنيفة -رحمه اللَّه- قال: لم يثبت منها المواظبة. . . إلخ، والشارح نقل عنه أنه قال: إلا أن البخارى. . . إلخ، فلا أدرى ما وجه إبدال أبي حنيفة بالبخارى؟ وهل ذلك حصل منه غلطا أو عن قصد وتعمد؟
الثالث: قوله: قال في المنار: فيه الوليد بن ذروان، هكذا كتبه بالذال المعجمة، وهو زروان بالزاى، ويقال: بتقديم الواو على الراء كما في التقريب [1/ 332].