قال في الكبير: ظاهر صنيع المصنف أن مخرجه الخطيب خرجه وأقره، والأمر بخلافه، بل قدح في سنده فعقبه بأن أبا داود النخعى أحد رواته كذاب وضاع، وحكم ابن الجوزى بوضعه، ولم يتعقبه المؤلف إلا بإيراد حديث تمام أن موسى أى أحد رواته متروك ولم يزد على ذلك.
قلت: كذب الشارح على الخطيب كذبا صراحا، فإنه ما قدح في سند الحديث، ولا تعرض له بشطر كلمة، وإنما رواه [5/ 15] من حديث ابن عباس موقوفًا ومن حديث سهل مرفوعًا ثم شرع يورد ما قيل في أبي داود النخعى من عبارات الجرح والتضعيف كما هو شأنه في كل ترجمة، فإن التاريخ مؤلف في تراجم الرجال وبيان حالهم لا في الأحاديث، والكلام عليها، فالتعرض لكونه طعن في الحديث أو سكت عليه من جهل الشارح أو تعنته الممقوت، ثم إن المصنف رمز للحديث بعلامة الضعيف، فكان الشارح كاذبا عليه وعلى صنيعه.
نعم، المصنف يلام على ذكر الحديث في هذا الكتاب فإنه موضوع لا شك فيه وأما كون ابن الجوزى حكم بوضعه ولم يتعقبه المؤلف إلا بطريق تمام، فهو كلام فاسد يدل على جهل الشارح وتعنته أيضًا، فابن الجوزى أورد الحديث [2/ 251] من طريق أبي داود النخعى عن أبي حازم عن سهل بن سعد، وقال: لا يصح لأن أبا داود كذاب، فاقتضى ذلك حصر التهمة فيه، وأنه هو الواضع له، فتعقبه المؤلف بأنه ورد من غير طريقه، وذلك أن تماما خرجه [669 - ترتيبه] من طريق موسى بن إبراهيم المروزى عن مالك بن أنس عن أبي حازم به، ولكن موسى متروك اهـ.
وليس معنى هذا أن المؤلف يميل إلى إثبات الحديث، فإن أمره مكشوف وليس هو من أحاديث مالك جزما، وإنما غرض المؤلف مجرد التعقب بأن أبا داود النخعى لم ينفرد به وأن غيره من الوضاعين رواه أيضًا، فكأن أحدهما وضعه والآخر سرقه.