قلت: قال البخارى في الباب المذكور من صحيحه [رقم: 1372]:

حدثنا عبدان أخبرنى أبي عن شعبه سمعت الأشعث عن أبيه عن مسروق عن عائشة رضي اللَّه عنها: "أن يهودية دخلت عليها فدكرت عذاب القبر فقالت لها: أعاذك اللَّه من عذاب القبر، فسألت عائشة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن عذاب القبر فقال: نعم، عذاب القبر. قالت عائشة رضي اللَّه عنها: فما رأيت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بعد صلى صلاة إلا تعوذ من عذاب القبر وزاد غندر: عذاب القبر حق، قال الحافظ [الفتح: 3/ 236] على قوله: "نعم عذاب القبر": كذا للأكثر، زاد في رواية الحموي والمستملى: "حق" وليس بجيد لأن المصنف قال عقب هذه الطريق: زاد غندر: "عذاب القبر حق" فتبين أن لفظ: "حق" ليست في رواية عبدان عن أبيه عن شعبة، وأنها ثابتة في رواية غندر عن شعبة وهو كذلك، فقد أخرج طريق غندر النسائى [الكبرى 1/ 389] و [3/ 56]، والإسماعيلى كذلك، وكذلك أخرجه أبو داود الطيالسى في مسنده عن شعبة [ص: 200] انتهى.

فبان أولا: أن رواية البخارى الصحيحة دون ذكر: "حق"، وأن المستملى غلط في ذلك، وأن الرواية التي ذكرها أخيرا عن غندر هي معلقة، وإنما رواها النسائى والإسماعيلى.

وثانيا: لو كانت لفظة: "حق"، صحيحة في رواية البخارى فلفظ الحديث عنده: "نعم عذاب القبر حق" وهذا في اصطلاح المؤلف يذكر في حرف النون لا هنا.

ثم إن الشارح استعمل هنا في كلامه على هذا الحديث تدليسا مضحكا فقال: تنبيه في شرح الصدور قال العلماء: عذاب القبر هو عذاب البرزخ. . إلخ الفائدة، فمنعه حسده من أن يقول: قال المؤلف في شرح الصدور، فذكر الكتاب وأسقط ذكر مؤلفه رجاء ألا يعرفه القارئ فيظنه لغيره.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015