القول الأول: ما ذهب إليه الشافعي وجماعة من أهل الحجاز: أنه ما رواه الثقة مخالفا لرواية الناس، أي: الثقات، وإن كانوا دونه في الحفظ والإتقان، وذلك لأن العدد الكثير أولى بالحفظ من الواحد، وألحق ابن الصلاح بالثقات الثقة الأحفظ، وسواء كانت المخالفة بزيادة أو نقص في سند أو متن، إن كانت بحيث لا يمكن الجمع بين الطرفين فيهما مع اتحاد المروي، انتهى.

أو هو ما ليس له إلا سند ... شذ به فرد فوقف أو يرد

هذا هو القول الثاني، وهو ما ذكره الحافظ الخليلي حيث قال: الذي عليه حفاظ الحديث أن الشاذ ما ليس له إلا إسناد واحد شذ به ثقة أو غيره، فما كان عن ثقة توقف فيه ولا يحتج به، وما كان عن غير ثقة فمتروك لا يقبل، انتهى.

فلم يعتبر في هذا القول قيد المخالفة ولا اقتصر على الثقة، قال الإمام النووي في تقريبه تبعا لابن الصلاح: وما ذكره الخليلي مشكل بانفراد العدل الضابط كحديث: "إنما الأعمال بالنيات" و"النهي عن بيع الولاء" ونحو ذلك مما في الصحيحين وليس له إلا إسناد واحد، فالصحيح التفصيل بأن يقال: الثقة إذا كان مفرده مخالفا لثقة أحفظ منه وأضبط أو لجماعة وإن كان كلٌ منهم دونه كما تقدم، كان شاذا مردودا وإن لم يخالف، فإن كان عدلا حافظا موثوقا بضبطه كان مفرده صحيحا وإن لم يوثق بضبطه، لكن لم يبعد عن درجة الضابط

طور بواسطة نورين ميديا © 2015