التلخيص وتعقبه في المهذب، يوهم أنه تعقب الحاكم، والمهذب إنما هو اختصار لسنن البيهقى لا تعلق له بالحاكم، وأيضًا فإن الذهبى لم يتعقب البيهقى بذلك، بل البيهقى نفسه لما خرج الحديث قال عقبه: محمد بن الفرات ضعيف والذهبي إنما حكى قول البيهقى.
والحديث رواه البخارى في التاريخ الكبير وابن ماجه وأبو يعلى والحارث بن أبي أسامة في مسنده والحاكم والبيهقى وابن حبان في الضعفاء والخطيب في التاريخ وابن أبي حاتم في العلل وآخرون من طريق جماعة كلهم عن محمد ابن الفرات، وفيه عند الحارث وابن حبان وابن أبي حاتم وأبي يعلى قصة وهى: أن محمد بن الفرات قال: كنت عند محارب بن دثار فأتاه خصمان فقال لأحدهما: لك شهود؟ قال نعم، فدعا شاهدا له ودعا الآخر فلم يحضر، فقال المشهود عليه للشاهد: أما واللَّه إنه لامرؤ صدق ولئن سألت عنه ليزكين وما رأيت عليه خرفة قبلها ولقد شهد على بباطل وما أدرى ما أجبره على ذلك فجلس محارب فقال له: يا هذا اتق اللَّه فإني سمعت ابن عمر يقول "إنه سمع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول. . . "، وذكره، وزاد: "وإن الطير يوم القيامة تحت العرش ترفع مناقيرها وتضرب بآذانها وتلقي ما في بطونها مما ترى من هول يوم القيامة وليس عندها طلبة والنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يعظ رجلًا. . . "، وقال البخارى وأبو حاتم: هذا حديث منكر ومحمد بن الفرات ضعيف.
قلت: لكنه لم ينفرد به بل تابعه عليه أبو حنيفة وعبد الملك بن عمير كلاهما عن محارب بالقصة كما حكاها محمد بن الفرات وتابعه مسعر عن محارب بدون ذكر القصة.
وورد من حديث مالك عن نافع عن ابن عمر أيضًا، بمتابعة أبي حنيفة، قال الحسن بن زياد اللؤلؤى:
حدثنا أبو حنيفة قال: كنا عند محارب بن دثار فتقدم إليه رجلان فادعى