ألا أيهذا الزاجري أحضرَ الوغى ... وأن أشهدَ اللذات هل أنت مخلدي؟
بنصب أحضر وحذف أن، وإن كان جعل ذلك شاذا وقال: إن القياس الرفع1. وقد تابع غيره من الكوفيين الكسائي وجعلوا ذلك قياسا مطردا2. وكان الفراء يذهب إلى أنه يجوز في أن الناصبة للمضارع أن لا تعمل فيه النصب وأن يرفع بعدها على أن تكون مخففة من أنّ الثقيلة، وبذلك وجه قراءة: "وحسبوا أن لا تكونُ فتنة" برفع تكون، وقول الشاعر:
إذا مت فادفنِّي إلى جنب كَرْمة ... تروِّي عظامي بعد موتي عروقها
ولا تدفننِّي في الفلاة فإنني ... أخاف إذا ما مت أن لا أذوقُها
برفع أذوقها3. وتبعه ثعلب في أنها حينئذ لا تعمل النصب، بل اتسع بذلك وقال: إنها تهمل أحيانا ولا تكون مخففة من الثقيلة، بل تكون مثل ما المصدرية التي تؤول مع الفعل بمصدر دون أن تعمل فيه، ومثل لذلك بقول بعض الشعراء:
أن تقرآن على أسماء ويحكما ... مني السلامَ وأن لا تخبرا أحدا4
وكان الكسائي والفراء يذهبان -كما أسلفنا- إلى أن أسماء المبالغة مثل فَعّال وفَعُول لا تعمل النصب فيما بعدها لضعفها, مخالفين بذلك سيبويه والبصريين، ويقول ثعلب: ""أنت زيدًا ضروبٌ" يأباه أصحابنا لأنه لا يتصرف، ومثله مضراب وضرّاب أيضا وأهل البصرة يجيزونه"5.
وذهب الكسائي والفراء جميعا إلى جواز إبطال عمل إنّ إذا بعد عنها اسمها، ونرى ثعلبا ينشد قول بدوية:
فليت ابن جَوَّابٍ من الناس حظنا ... وأن لنا في النار بَعْدُ خلود
ويقول بعقبه:
وأن لنا في النار بعد خلود
رفع على الاستئناف، وحكى