هذه اللام حتى في الشعر، مخالفا في ذلك الكسائي وسيبويه1 والفراء، ونرى ثعلبا يستشهد لذلك ببيتين استشهد بهما من قبله الفراء، وهما قول أحد الشعراء:
فلا تستطلْ مني بقائي ومدتي ... ولكن يكنْ للخير فيك نصيب
بجزم يكنْ، وقول الآخر:
فقلت ادعي وأدعُ فإن أندى ... لصوت أن ينادي داعيان
بجزم أدعُ وحذف حرف العلة2.
ومن ذلك أن الكسائي والفراء جعلا من نواصب المضارع "كما" بشرط أن لا يُفصَل بينها وبينه بفاصل، ونرى ثعلبا يستشهد على إعمالها بقول عمر بن أبي ربيعة:
وطرفك إما جئتنا فاحفظنَّه ... كما يحسبوا أن الهوى حيث تصرف
بينما يستشهد على إلغائها؛ لوجود فاصل بينها وبين الفعل بقول عدي بن زيد:
اسمع حديثا كما يومًا تحدثُه ... عن ظهر غيب إذا ما سائل سألا
وقد عقب على البيتين بقوله: "زعم أصحابنا أن "كما" تنصب، فإذا حِيل بينها رفعت"3. والبصريون يذهبون إلى أن "كما" في بيت ابن أبي ربيعة أصلها: "كيما" فحُذفت الياء ضرورة، وقالوا في البيت رواية ثانية هي: "لكي يحسبوا"4. وكان الكسائي يذهب إلى عمل أن النصب في المضارع مع حذفها، وخرّج على ذلك حذف النون من المضارع في قراءة من قرأ الآية: "وإذ أخذنا ميثَاق بني إسْرائِيل لا تَعْبُدُوا إِلا اللَّه" بحذف النون في "لا تعبدوا" وقال: أصلها بأن لا تعبدوا، حذفت الباء وأن5. وقد حكى ثعلب ذلك عن العرب في مثل قولهم: "خذ اللص قبل يأخذَكَ" بنصب المضارع، واستشهد له بقول طرفة: