الكسائي والفراء جميعا: "إن فيك زيد راغب" وقالا: بطلت إنّ لما تباعدت"1.
وكان الكسائي يذهب إلى أن إلا في مثل: "ما قام القوم إلا زيد" برفع زيد حرف عطف، وكأن زيدا في حقيقته فاعل لقام، وكأن إلا بمنزلة لا العاطفة في أن ما بعدها مخالف لما قبلها مثل: قام محمد لا علي. وقد توقف الفراء بإزاء قوله تعالى: {لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ} ، وقال: "إن بعض النحويين "يريد الكسائي" ذهب إلى أن "إلا في هذا الموضع بمنزلة الواو كأنه قال: لئلا يكون للناس عليكم حجة ولا للذين ظلموا، وهذا صواب في التفسير خطأ في العربية, إنما تكون إلا بمنزلة الواو إذا عطفتها على استثناء قبلها فهنالك تصير بمنزلة الواو كقولك: لي على فلان ألف إلا عشرة إلا مائة، تريد إلا الثانية أن ترجع على الألف، كأنك أغفلت المائة فاستدركتها؛ فقلت: اللهم إلا مائة، فالمعنى: له عليّ ألف ومائة، وأن تقول: ذهب الناس إلا أخاك، اللهم إلا أباك، فتستثني الثاني، تريد: إلا أباك وإلا أخاك"2. وعرض ثعلب رأي الفراء والكسائي دون أن يفضل أحد الرأيين، يقول: ومن التشبيه أيضا أن توضع ألا في موضع واو العطف كما في هذا البيت:
أتيت بعبد الله في القد موثقا ... فألا سعيدًا ذا الخيانة والغدر
فقد اتفق الكسائي والفراء في نصب "سعيدا" أنه مفعول لفعل محذوف مثل أتيت، ثم اختلفا في جره فاستحسنه الكسائي وضعفه الفراء، قال ثعلب: "ومن خفض "يريد الكسائي" شبه ألا بالنسق والفراء يستقبحه ويجيزه فيعطف "سعيدا" على عبد الله في أول الكلام. ولعل وجه قبح العطف عند الفراء أنه قد فُصل بين المعطوف والمعطوف عليه"3. ويصرح الرضي بأن ثعلبا لم يكن يجيز أن تعرب "زيد" في مثل: "ما قام القوم إلا زيد" بدلا كما يعربها البصريون, إذ كان يأخذ برأي الكسائي في أنها في مثل هذا التعبير حرف عطف مثل لا4.