أعظم بها ليلة جلّت بدائعها ... وأفصحت بالهنا فيها الجمادات

وزيّنت حضرات الغيب وانتصبت ... من أجل ياسين أعلام ورايات

وجلّل العرش بالأنوار واتّشح ال ... كرسيّ وزخرف فردوس وجنّات (?)

وهكذا مضت في مولدها، تنتقل من الحديث عن المولد إلى الحديث عن المعجزات إلى سرد شيء من السيرة، لتصل إلى صفاته الجسمية، وفضائله الخلقية، وتعقب على كل فقرة بقصيدة تنظم فيها ما تقدمت به، ولتختتم المولد بقصيدة في الصلاة على النبي، بدأتها بقولها:

صلّوا على من عليه الله خالقه ... صلّى وسلّم في الآزال والقدم

صلوا على بهجة الكونين أحمد من ... سما وسمّي قبل اللّوح والقلم

صلّوا عليه يصلّي الله تكرمة ... عشرا ويشملكم بالفضل والكرم (?)

وما ذكرته عائشة الباعونية شعرا ونثرا، يدخل في بناء المدحة النبوية، لكنها لم تخرج عن نطاق الغيبيات والنظرة الصوفية إلى النبي الكريم، وشعرها هنا يعد مدحا نبويا روحيا خالصا، مضمّنا في مولد نبوي، إلا أن النظم غلب عليه.

ومن هنا جاء التداخل بين الشعر الذي قيل في المولد النبوي وبين المديح النبوي، لكن القصائد والمقطوعات الشعرية التي توجد في الموالد النبوية، تقتصر كل منها على معنى محدد من معاني المديح النبوي، ونادرا ما جمعت قصيدة أو قطعة شعرية معاني مختلفة من معاني المديح النبوي، وهذا ما نلاحظه بوضوح في مولد عائشة، فكل قصيدة تدور حول معنى محدد هو المعنى الذي قدمت له، ولم تأخذ القصائد شكل المدحة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015