على الغائب, فلما قاله رأيت أن لا يعيد البينة, وهذا رأيي.
قلت: فلم يحك ابن القاسم عن مالك نص سماع البينة على الغائب إنما أخذه من قوله بالحكم عليه, والحكم على الغائب؛ إنما هو الغائب عن الحكم البلد حسبما يأتي إن شاء الله تعالى؛ إنما أخذه من قوله بالحكم عليه؛ ولذا صح جمع النقل عن سحنون بأنه لا يسمع البينة على الغائب, ويجيز الحكم عليه.
قال ابن رشد في نوازله: سحنون يجيز الحكم على الغائب في العروض والأصول, وذكر الشيخ قول ابن الماجشون من المجموعة بزيادة: إلا أن يكون الشهود لا يعرفون المشهود عليه إلا بشخصه, فلا بد من حضوره, وقاله ابن القاسم وأشهب, ثم ذكر قول سحنون وقيده بكون المشهود عليه حاضراً, أو قريب الغيبة, وإن ثبت بعد غيبته سمع في غيبته ملكه أو استحقاقه إن كان حاضر بلد الخصومة, فشرط البينة حضوره.
في النوادر لسحنون: من ادعى دابة وأحضر بينة والحاكم بالمسجد, والدابة على بابه, أيشهدون عليها وهي خارج المسجد؟ قال: يشهدون عليها حيث يراها الحاكم, كما يشهدون على النصراني, وهو لا يدخل المسجد, وسأل حبيب سحنونا عن من اعترف دابة بيد رجل, فأمره الحاكم بإحضارها, فأحضر دابة, فقال المدعي: ليست هذه التي اعترفت, وأتى بشاهد عدل أن الدابة التي اعترفت في يده غير هذه فقال: يغلظ عليه الحاكم بالحبس وغيره حتى يظهر الدابة, فإن لم يذك الشهادة؛ أغلظ عليه بدون ذلك, وإن كان غائباً عنها, وليس معيناً بنفسه؛ بل بالإضافة وهو الدين, فالاعتبار في الإشهاد به مع غيبة تخصيص المدين بما يعينه.
تقدم لابن رشد في سماع عبد الملك: يكتب القاضي بما ثبت عنده من صفة الآبق كما يكتب في الدين على الغائب باسمه ونسبه وصفته, فيقوم الشهادة فيه على الصفة مقام الشهادة على العين. هذا قول مالك وجميع أصحابه إلا ابن كنانة؛ لم يجز في شيء من ذلك الشهادة على الصفة, وأجازها ابن دينار في الدين لا في الآبق.
قلت: فظاهره: أن ابن كنانة لم يجزه في الدين.
المازري يقضي بالبينة المتعلقة بصفة المحكوم به إن كان ربعاً لا من صفته تخليته