بمحله ومكانه, وهو لا ينتقل, وفي الحكم بها في غيره من حيوان وشبهه قولان، على الأول: ينفذ القاضي المكتوب إليه بتلك البينة الحكم على المشهود عليه بها، وعلى الثاني: يحكم له بأخذ المدعى فيه بصفة قيمته؛ ليذهب به لمحل البينة؛ لتشهد على عينه عند القاضي، فيحكم له به، ويسترجع قيمته ابن الحاجب، ويحكم بالدين وغيره مما يتميز غائباً بالصفة كالعبد.
ابن عبد السلام: يعني ما يحكم به إن لم يقبل التمييز قبل الحكم به لم يطلب تمييزه؛ إذ لا معنى لطلب ما يتعذر حصوله، وقال ابن هارون، وفي قولهما تعقب؛ لأنه يلزم أحد أمرين؛ أما عدم سماع البينة في الدين الغائب من هو عليه، أو سماعها به مع عدم تعينه؛ لأنه إن كان الواقع أن المذهب عدم سماع البينة؛ لزم الأمر الأول، وإن كان الواقع أن المذهب سماعها به مع قولها: إنه لا يقبل التعيين؛ لزم الأمر الثاني، ومعروف المذهب ثبوت سماع البينة، والحق سماعها به معيناً بتعين من أضيف إليه، وهو المدين ولا يمكن تقرر قولهما إلا على ما نقله ابن رشد عن ابن كنانة من منع سماع البينة بالدين على غائب، ولم يذكراه، ولا ألما به، فتأمله.
وقال المازري: إن كان المحكوم به مما لا يتميز أصلاً؛ ذكرت البينة قيمته تقول غصبه حريرًا قيمته كذا، أو طعامًا قيمته كذا.
قلت: هذا فيما يتعلق بالذمة، وأما إن لم يتعلق بالذمة؛ فظاهر كلام ابن رشد أن المكيل والموزون لا تصح البينة به بعد غيبته؛ لتعذر معرفته بعد حضوره، فتمتنع الشهادة به غائبًا على الصفة، وتمام هذا المعنى في مسائل الاستحقاق، وإن كان غائبًا معيناً في نفسه كالعبد والفرس، فإن كانت البينة بما لا يستحق لا من يدع مدع ملكه، ولا مدعيا حرية نفسه؛ سمعته في غيبته بكمال صفته الموجبة تعيينه عند شاهدين اتفاقا، فإن لم يكن عبدا آبقا، وإن كان ففي سماعها: ومنعه قولها مع جل أصحاب مالك وابن رشد عن ابن دينار مع ابن كنانة، وإن كانت بما يستحق من يدع مدع ملكه أو مدعيا حرية نفسه؛ ففي سماعها به، ومنعه قولان لاختصار الواضحة لفضل عن سحنون
قائلاً: لا أعلم خلافه لأحد من أصحابنا غير ابن كنانة وفضل عن ابن دينار معه.