في غيبته, فإن خشي عليه القاضي في ذلك دلسة أو استرابة, ورأى اجتماعهم أجمع للفضل, وأبرأ من الدخل؛ فليجيبه, وإن أمن من هذا؛ لم يجبه, فإن أجابه من غير شيء خافه؛ فليضمه لاختلاف الناس فيه.
قال بعض العراقيين: لا يكون إيقاع الشهادات إلا بمحضر المشهود عليه, وقال له مطرف وأصبغ مثله, وعلم بلدنا على ما أعلمتك.
قال فضل: سحنون: لا يرى إيقاع الشهادة إلا بمحضر الخصم إلا أن تكون غيبة الخصم بعيدة, ونقله ابن سهل دون زيادة فضل عن سحنون, وقال في الموازية: إن كان قريباً أحضر؛ ليشهدوا عليه, أو بمحضر وكيله, فقد يذكرهم أمراً ينفعه, فإن لم يفعل؛ جاز, ولمحمد بن عبد الحكم نحوه.
قلت: ففي وقف أداء الشهادة على غائب غير بعيد الغيبة لا دلسة عليه فيها ثالثها: يستحب لسحنون وابن الماجشون والموازية مع ابن عبد الحكم, ورابعها: الثاني إن تبين تعمد المطلوب تغيبه عن الطالب فتوى ابن لبابة وابن غالب وابن وليد مع غيرهم.
ابن سهل: وشاهدت العمل دفع القاضي للمشهود عليه نسخ جميع ذلك, ويعلم له على من قبل, أو لا يكتب له في النسخ سواهم, وإن تشاحا في القرطاس الذي يكتب فيه النسخ للإعذار؛ ففيه بين الشيوخ نزاع سألت عنه ابن عتاب, فقال لي اختلف فيه الحكام والفقهاء, وأراه على الطالب, وسمعت ذكره عن ابن دحون, وأفتى ابن القطان أنه على من يعذر عليه, وهو أحب إلى.
ابن الحاجب: قال ابن الماجشون: العمل عندنا أن تسمع البينة حضر الخصم, أو لم يحضر, ولم يراها سحنون إلا بمحضره إلا أن تكون غيبة بعيدة.
قال ابن عبد السلام: ما ذكر ابن الماجشون هو مذهب المدونة.
زاد ابن هارون: هو مذهب المدونة, ولو كان حاضر البلد.
قلت: مقتضى عزوه ابن سهل وابن شاس وابن الحاجب لابن الماجشون عدم ظهور دلالة لفظ المدونة عليه ونصها: قلت: إن أقمت بينة على غائب, فقدم بعدما أوقعت البينة عليه أيأمر القاضي بإعادة البينة في قول مالك؟ قال: قال مالك: يقضي