قلت: لا أعرف هذا القول على الوجه الذي ذكره أنه عام في الدماء والحدود, وإنما ذكره ابن زرقون في الدماء فقط.
قال في ترجمة الشهادات ما نصه: ذكر ابن عبد الغفور في وثائقه: أن التعديل يجوز في كل شيء من الدماء وغيرها؛ وهو قول مالك في كتاب الديات من المدونة.
وقال أحمد بن عبد الملك: لا تكون عدالة في الدماء, ولم يصحب هذا القول عمل.
قلت: فلم يذكر الحدود بوجه, ويدخل في قولها, وغيرها كتبه بما ثبت عنده من مخاطبة غيره غيره.
سمع عبد الملك بن الحسن بن وهب: الشأن أن يقبل القاضي ما كتب به له غيره من القضاة, ويحكم به إن كان الحكم عنده, أو يكتب به إلى غيره هكذا, وإن كثر, وهو شأن الإسلام لا يختلف فيه أهل العلم, وقال أشهب.
ابن رشد: لا خلاف في وجوب إعمال القاضي ما خاطبه به غيره من القضاة, ويحكم به إن كان الحكم عنده, أو يكتب إلى غيره سواء كتب الكاتب له بما ثبت عنده من حق, أو بما خاطبه به غيره, وإن كثرت المخاطبات في ذلك من قاض لقاض, وليس لمن ثبت عنده الخطاب بثبوت حق لرجل على رجل أن يكلف ذا الحق البينة عنده بمحضر خصمه؛ بل يقضي عليه بحقه إلا أنه يقول له: إن كان لك مدفع فيمن شهد على الكتاب فادفع, فإن أتى بما سقط به شهادتهم؛ لم يحكم عليه, وإن ادعى المدفع في البلد الذي كتب فيه الكتاب بثبوت الحق قيل: له أد هاهنا ما ثبت عليك وأمض, فإن دفعت شهادة من شهد لخصمك؛ رجعت بما حكم به عليك.
قلت: في اختصار الواضحة: قال ابن حبيب: قال ابن الماجشون: العمل عندنا أن يسمع القاضي بينة الحاضر, ويدفع شهادتهم, وإن لم يحضر خصمه, فإن حضر علمه بمن شهد عليه بأسمائهم ومساكنهم, فإن كان له مدفع, وإلا لزمه القضاء, وإن سأله أن تعيد البينة شهادتهم بمحضره؛ لم يجبه لذلك, ولو سأله الخصم أن لا يسمع بينة خصمه