البغل وعين مستحقه, وفي الكتاب ثبت عندي كتاب ابن عتبة يستحلف قاضي الحوف, ولم يسم من استحلفه, ولا ابن عتبة ولا أن ثبوته عنده كان على عين البغل ومستحقه, فأفتى ابن عتاب, وابن العطار وابن مالك بإعمال خطاب ابن شماخ؛ لفضله وعلمه, وإنما جرى بين يديه محمول على الكمال, ولعافية ابن عتبة, وفي اتفاقهم على هذا الوجوب عجب وفيه من الضعف ما فيه, وكانوا يختلفون فيما هو أوضح من هذا.
ابن المناصف: ويجب على القاضي الذي ثبت عنده كتاب قاض إليه في حق تأخر الحكم فيه أن يشهد على نفسه بثبوت ذلك الكتاب عنده الذي قبله بمعرفته خطه؛ لأنه إن لم يفعل ذلك, واتفق أن مات, أو عزل, وقد مات الذي كتب له أو عزل, وخلف مكان المكتوب له قاض آخر ألها صاحب الحق لإثبات ذلك الكتاب عنده بشهود على القاضي الذي كتبه في حين ولايته أنه كتابه؛ إذ لا يكتفي في ذلك بمعرفة سماع نطقه بذلك, والسماع منه ذلك؛ إنما يعتبر مادام في ولايته, وأما بعد عزله؛ فلا لقولها مع غيرها: أن مات القاضي أو عزل, وفي ديوانه شهادة البينات وعدالتها؛ لم ينظر فيها من ولي بعده, ولم يجزه إلا أن تقوم عليه بينة, وإن قال المعزول؛ قد شهدت به البينة عندي؛ لم يقبل قوله, ولا يكون شاهداً بذلك, وغلط في هذا النوع اليوم جماعة من الطلب, وجرى بيننا وبينهم فيه نزاع كثير؛ لأنهم حملوا ما وقع لمالك وغيره في قبول كتب القضاة ماتوا, أو عزلوا على إطلاقه, وتوهموا ذلك في مثل ما عهدوه, ووقع التساهل فيه من ترك إشهاد القضاة على كتبهم, والاجتزاء بمعرفة الخط.
قلت: ونزلت هذه المسألة في عام خمسين وسبعمائة من هذا القرن الثامن وقت نزول الطاعون الأعظم أيام أمير المؤمنين أبي الحسن المريني في خطاب ورد من مدينة فاس لتونس, فوصل خطاب قاضي فاس, وقد تقرر علم موته بتونس, فطرح خطابه, فشكي من وصل به إلى أمير المؤمنين, فسأل إمامه ومفتيه شيخنا عبد الله السطي, وكان إماماً حافظاً, فأفتى بإعمال خطابه, واحتج بنحو بما ذكره ابن المناصف عن من نازعه, فوقفه أصحابنا على كلام ابن المناصف هذا, فرجع إليه, وظهر أنه لم يكن له شهود.
قال ابن المناصف: وتجوز خطابات الإمام, وقضاة بعضهم لبعض, ولو ولي بعض