مقدور كسبه, والقاضي كان قادراً على إشهاده على حكمه, ثم وجه عمل الناس بأن الخط الحاصل بأنه كتاب القاضي الباعث به حصوله بالشهادة على خطه منضماً للشهود, وهو القول بجواز الشهادة على خط الغير حسبما تقدم في المذهب يوجب كون هذا الظن كالظن الناشئ عن ثبوته ببينة على أنه كتابه لضرورة دفع مشقة مجيء البينة مع الكتاب مع انتشار الخطة في بلد.
قلت: فإن قيل: تدفع المشقة بإشهاد القاضي على كتابه بينة تشهد على خطها في بلد المكتوب إليه, كما يفعله كثير من أهل الزمان لنكتة تذكر بعد.
قلت: ثبوته بالشهادة على خط القاضي أقوى من ثبوته بالشهادة على خط البينة بشهادتها على القاضي؛ لأن ثبوته بالشهادة على خط القاضي ما له توقفه على مجرد الشهادة على الخط, وثبوته بالشهادة على خط البينة ما له توقفه الشهادة على الخط مع شهادة البينة على القاضي, وما توقف على أمر واحد فقط أقوى مما يتوقف عليه مع غيره؛ لتطرق احتمال وهن ذلك الغير كاحتمال فسق البينة, أو رقها في نفس الأمر.
قال: وإذا ثبت وجه العمل بذلك, فإن ثبت خط القاضي ببينة عادلة عارفة بالخطوط؛ وجب العمل به, وإن لم تقم ببينة بذلك, والقاضي المكتوب إليه يعرف خط القاضي الكاتب إليه؛ فجائز عندي قبوله بمعرفة خطه, وقبول سحنون كتب أمناء بلا بينة يدل على ذلك, وليس ذلك من باب قضاء القاضي بعلمه الذي لا يجوز القضاء به, لأن ورود كتب القاضي عليه بذلك الحق؛ كقيام بينة عنده بذلك, فقبوله الكتاب بما عرف من خطه كقبوله بينة بما عرف من عدالتها, ويحتمل أن يقال: لابد من الشهادة عنده على خطه.
قلت: نحوه قول ابن سهل: إن أتى بخبر على شهيدي كتاب القاضي, وإن لم يكن تعديلاً بيناً, أو زكى أحدهما, أو توسم فيهما صلاح, وخطه وختمه يعرفه المكتوب إليه؛ استحسن إنقاذه لعمل صدر الأمة بإجازة الخاتم, ومنه: أن محمد بن شماخ قاضي غافق خاطب قاضي قرطبة محمد بن الليث بخطاب أدرج فيه كتاب عيسى بن عتبة فقيه مكناسة, وعقد استرعاء بملك بغل بعث فيه ثبت استحقاقه عند
ابن عتبة على عين