قسم آخر
ويكفن الميت من جميع ماله قبل الوصايا والديون والمواريث، ومن لم يكن له مال فكفنه على من تجب عليه نفقته إلا المرأة، فإنه لا يجب كفنها على زوجها عند محمد رحمه الله خلافاً لأبي يوسف، فإن عنده يجب عليه الكفن وإن تركت مالاً، ومن لم يكن له من ينفق عليه، فكفنه في بيت المال هكذا ذكر القدوري.
وفي «النوازل» : إذا مات الرجل، ولم يترك شيئاً ولم يكن هناك من تجب عليه نفقته يفترض على الناس أن يكفنوه إن قدروا عليه، وإن لم يقدروا عليه سألوا الناس.
فرق بين الميت والحي، إذا لم يجد ثوباً يصلي فيه ليس على الناس أن يسألوا له ثوباً، والفرق: أن الحي يقدر على السؤال بنفسه، والميت لا.
وفي «النوازل» أيضاً: رجل مات في مسجد قوم، فقام أحدهم وجمع الدراهم ليكفنه ففضل من ذلك شيء، إن عرف صاحب الفضل رده عليه، وإن لم يعرف كفن به محتاجاً آخر، وإن لم يقدر على صرفه إلى الكفن تصدق به على الفقراء.
وفيه أيضاً: رجل كفن ميتاً من ماله، ثم وجد الكفن في يدي رجل كان له أن يأخذه؛ لأنه بقي على ملكه لم يملكه الميت، وإن كان وهبه للورثة، وكفنه الورثة فالورثة أحق بها. وكذلك لو افترس الميت سبع وبقي الكفن فهو على التفصيل الذي قلنا: إن كان وهبه للورثة فالورثة أحق به.
وإذا نبش الميت وهو طري كفن ثانياً من جميع المال، فإن قسم المال فهو على الوارث دون الغرماء، وأصحاب الوصايا، وإن نبش بعدما تفسخ، وأخذ كفنه كفن في ثوب واحد. وإن لم تفضل التركة من الدين فإن لم يكن الغرماء قبضوا ديونهم بدىء بالكفن، وإن كانوا قبضوا ديونهم لا يسترد منهم شيء؛ لزوال ملك الميت.
قال هشام في «نوادره» : سألت محمداً عن معتق مات ولا مال له، وترك خالته والذي أعتقه قال: كفنه على خالته.
وفي «نوادر المعلى» : عن أبي يوسف رحمه الله: امرأة ماتت وتركت أباها وابنها، فالكفن عليهما على قدر مواريثهما، وكذلك البنت والأخ. والله تعالى أعلم.
نوع آخرمن هذا الفصل في حمل الجنازة
قال محمد رحمه الله «الجامع الصغير» : وتضع مقدم الجنازة على يمينك، ثم مؤخرها على يمينك ثم مقدمها على يسارك، ثم مؤخرها على يسارك هذا هو السنّة عند كثرة الحاملين، إذا تناوبوا في الحمل يبتدىء الحامل من اليمين المقدم للميت، وهو يمين الحامل أيضاً، وعند الشافعي رحمه الله السنّة أن يحملها اثنان يدخلان بين عمودي الجنازة يضع السابق منهما مقدمها على أصل عنقه، وكاهله، ويأخذ قائميها بيده، والآخر منهما يضع مؤخرها على أصل صدره، ويأخذ قائميها بيده.