وفي «المنتقى» : لا بأس بأن يجعل شيء من المسك في الحنوط، ويوضع الكافور على مساجده يريد به جبهته وأنفه ويديه وركبتيه وقدميه؛ لأنه كان يسجد على هذه الأعضاء فتخص بزيادة الكرامة، وإن لم يكن لم يضره؛ لأن الحي قد لا يستعمل الطيب حالة الحياة، فلا يضره تركه بعد الوفاة.
وفي «القدوري» : لا بأس بسائر الطيب غير الزعفران والورس في حق الرجل، وتحشى منافذه إذا خيف خروج شيء، ثم يعطف الإزار عليه من قبل اليسار، ثم من قبل اليمين، ويشد الإزار عليه؛ لأن شد الإزار على القميص أستر، وفي حالة الحياة يشد الإزار أولاً، ثم القميص؛ لأن ذلك للتقلب، وشد الإزار بحسب القميص ليكن للتقلب، ثم اللفافة كذلك، وإنما يعطف اليسار أولاً ثم اليمين لمعنيين.
أحدهما: أن لليمين فضلاً على اليسار فيكون فوق اليسار.
والثاني: إنما يلبسه حالة الحياة من الثياب يعطف أولاً من قبل الأيسر، ثم من قبل الأيمن كذا هذا.
وأما المرأة تبسط لها اللفافة، والإزار على نحو ما بينا للرجل، ثم توضع على الإزار، وتلبس الدرع، ويجعل شعرها ضفيرتين على صدرها فوق الدرع، وقال الشافعي رحمه الله: يضفر شعرها خلف ظهرها اعتباراً بحالة الحياة، وإنما نقول: إنما يفعل ذلك؛ لأجل الزينة وهذه حال حسرة وندامة، فتعتبر بمثل هذه الحالة من حالة الحياة، ثم في حالة الحياة في حالة الحسرة والندامة بأن أصابتها مصيبة لا تجعل شعرها خلف ظهرها، بل تجعل على صدرها كذا بعد الوفاة.
ثم يجعل الخمار فوق ذلك، ثم تعطف اللفافة كما بينا في الرجل، ثم الخرقة بعد ذلك تربط فوق الأكفان فوق الثديين؛ لأنه لو لم تربط الخرقة ربما يضطرب ثداياها وقت الحمل، فتنتشر أكفانها فيبدو شيء من أعضائها.
والغلام المراهق، والجارية المراهقة بمنزلة البالغ؛ لأن المراهق، والمراهقة كل واحد منهما مشتهى كالبالغ والبالغة، فكان بدن كل واحد منهما في حكم العورة كبدن البالغ والبالغة، وإن كان لم يراهق كفن في خرقتين إزار ورداء، وإن كفن في إزار واحد أجزأه؛ لأن بدنه ليس بعورة لما أنه غير مشتهى، فانحطت درجته في الستر عن درجة من هو عورة. وأما السقط فإنه يلف في خرقة؛ لأن حاله لا يبلغ حال المنفصل حياً.
قال القدوري رحمه الله في «كتابه» : والمحرم وغير المحرم في ذلك سواء، يريد به أنه يطيب ويغطى وجهه ورأسه، والكفن الخلق والجديد سواء، وروي عن محمد رحمه الله أن المرأة تكفن في الإبريسم والحرير والمعصفر، ويكره للرجال ذلك، وأحب الأكفان الثياب البيض.
وفي «المنتقى» : إبراهيم عن محمد يكفن الميت في كل شيء يجوز له لبسه في حال حياته، وفي «نوادر ابن سماعة» : عن محمد رحمه الله تخمر الأمة كما تخمر الحرة. والله تعالى أعلم.