نوع آخر في بيان المواضع التي تصح نية الإقامة فيها والتي لا تصح نية الإقامة فيها
فنقول إنما تصح نية الإقامة إذا كان الإقامة إذا كان الموضع الذي نوى الإقامة فيه محل للإقامة حتى أن أهل العسكر إذا نووا الإقامة في دار الحرب خمسة عشر يوماً أو أكثر، وهم يحاصرون أهل المدينة لا تصح منهم والأصل في ذلك ما روي «أن النبي عليه السلام حاصر أهل الطائف سبعة عشر يوماً، وكان يقصر الصلاة» وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رجلاً سأله وقال إنا نطيل.f
.. المقام في أرض الحرب، فقال: «صل ركعتين حتى ترجع إلى أهلك» ؛ ولأن دار الحرب ليس موضع الإقامة في حق المحاربين من المسلمين لأن الغلبة فيها لأهل الحرب والظاهر أنهم يقاتلون المسلمين والمسلمون لا يقاومونهم لقلتهم فينوون نية الإقامة لا يصار محلها، ولا تصح كما لو نوى السفر في غير موضع السفر، وكذلك إذا نزلوا المدينة، وحاصروا أهلها في الحصن لا تصح منهم الإقامة؛ لأنه لا قرار لهم ما داموا محاصرين، وكانت نية الإقامة في غير موضعها، وكذا أهل البغي إذا ابتغوا في دار البغي، فحاصرناهم لا تصح فيه الإقامة، لأن دارهم ليس موضع لنا فيها كدار الحرب.
وقال أبو يوسف رحمه الله في «الإملاء» : إذا كان العسكر استولوا على الكفار بذلوا إنسانيتهم وأرواحهم وركبانهم وللمسلمين منعة وشوكة فأجمعوا على الإقامة خمسة عشر يوماً أكملوا الصلاة، وإذا كانوا في عسكر في الأخبية والفساطيط في سفر فأجمعوا على الإقامة خمسة عشر يوماً صلوا ركعتين.
وفرق بين الأبنية وبين الأخبية والفرق: أن البناء موضع الإقامة والطرء دون الصحراء، وإن حاصروا أهل أخبية وفساطيط لم يصيروا مقيمين سواء نزلوا بساحتهم، أو في أخبيتهم وخيامهم فنووا الإقامة فيها بالإجماع؛ لأن هذا لا يعد إقامة، ألا ترى أنهم يحملونها على الدواب حيث ما قصدوا واستخفونها يوم ظعنهم ويوم إقامتهم، وإذا هي حمولة وليس بمنازل.
قال شمس الأئمة الحلواني رحمه الله وهكذا عسكر المسلمين إذا قصدوا موضعاً، ومعهم أخبيتهم وخيامهم وفساطيطهم، فنزلوا مفازة في الطريق ونصبوا الأخبية والفساطيط وعزموا فيها على إقامة خمسة عشر يوماً لم يصيروا مقيمين لما بينا، أنها حمولة وليست بمساكن.
واختلف المتأخرون في الذين يسكنون في الخيام والأخبية والفساطيط كالأعراب ... الذين في زماننا منهم من يقول: لا يكونوا مقيمين؛ لأنهم ليسوا في