نوع آخر في بيان مدة الإقامة
ولا بد من معرفتها؛ السفر يبطل بالإقامة فنقول أدنى مدة السفر الإقامة عندنا خمسة عشر يوماً، وقال الشافعي رحمه الله أربعة أيام حتى لو نوى الإقامة أربعة أيام يتم الصلاة عنده.
وعندنا ما لم ينو الإقامة خمسة عشر يوماً لا يتم الصلاة.
حجة الشافعي: ما روي عن عثمان رضي الله عنه: أنه كان يقول: من أقام أربعاً صلى أربعاً، وفي رواية أخرى إذا نوى أن يقيم أربعة أيام صار مقيماً.
حجتنا: حديث جابر رضي الله عنه «أن النبي عليه السلام دخل مكة صبيحة الرابع من ذي الحجة وخرج منها في اليوم الثامن من ذي الحجة، وكان يقصر الصلاة حتى قال بعرفات: «أتموا صلاتكم يا أهل مكة، فإنا قوم سفر» فعلم أنه لا يصير مقيماً بأربعة أيام، ولأن المسافر لا يجد بداً من المقام في المثال أياماً إما لاستراحته وأما لاستراحة دابته أو لطلب الرفقة، وربما تعبت دابته عقر ويحتاج إلى معالجتها أو أخرى ولا يتم ذلك بأربعة أيام، فيحتاج إلى الزيادة عليها.
فقدرنا ذلك بخمسة عشر يوماً، لأن مدة الإقامة في معنى مدة الطهر (94أ1) بأنها تعيد ما كان سقط من الصوم والصلاة ثم أقل مدة الطهر مقدر بخمسة عشر يوماً بأقل مدة الإقامة، يجب أن يقدر بها الأولى، أما قدر أدنى مدة السفر بثلاثة أيام ولياليها اعتباراً بأدنى مدة الحيض من حيث أن مدة السفر نظير مدة الحيض، فإنه تسقط بهما الصلاة والصوم ولو أنه أقام في موضع أياماً ولم ينو الإقامة لا يصير مقيماً عندنا وإن طال إقامته والأصل في ذلك ما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: «أقام رسول الله عليه السلام بحنين أربعين يوماً وكان يصلي ركعتين» ، وروي عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أنه أقام بقرية من قرى ... ، وكان يقصر الصلاة وعن عمر رضي الله عنه: أنه أقام بأذربيجان ستة أشهر، وكان يصلي ركعتين وعن علي رضي الله عنه: أنه أقام بخوارزم سنتين، وكان يصلي ركعتين، والمعنى في هذه المسألة وهو أن الإقامة ضد السفر، ثم أجمعنا أن المقيم لا يصير مسافراً إلا بالنية، وإن وجد منه حقيقة السفر وهو السير، فإنه إذا كان يسير مرحلة جميع الدنيا ولا ينوي سفراً لا يصير مسافراً، فكذا لا يصير مقيماً، وإن وجد منه حقيقة الإقامة ما لم ينو الإقامة، والله أعلم.