موضع الإقامة، قال شمس الأئمة السرخسي رحمه الله: والصحيح أنهم مقيمون؛ لأن الإقامة للمراصد والسفر عارض وهم لا ينوون السفر وإنما ينتقلون من ماء إلى ماء ومن مرعى إلى مرعى، فكانوا مقيمين باعتبار الأصل.

وروي عن أبي يوسف رحمة الله عليه: في الرعاة إذا كانوا يطوفون في المفاوز وينتقلون من كلأ إلى كلأ ومعهم أثقالهم وخيامهم إنهم مسافرون حيث نزلوا أو طافوا إلا في خصلة واحدة، وهي إذا نزلوا في مرعى كثيراً بكلأ والماء وأعدوا الخيام ونصبوا وعزموا على إقامة خمسة عشر يوماً، وكان الكلأ والماء يكفيهم، فإني استحسن أن أجعلهم مقيمين وآمرهم بالإكمال.

وذكر في «المنتقى» : عن الحسن بن أبي مالك عن أبي حنيفة رحمهم الله في الأعراب إذا نزلوا بخيامهم في موضع التمسوا فيه المرعى، ونووا أن يقيموا شهراً أو أكثر للرعي ما يتموا الصلاة لأنه ليس بموضع قيام لهم، قال: وهو قول أبي حنيفة رحمه الله يقول: يتمون الصلاة.

وفيه أيضاً: عن أبي حنيفة رحمه الله إذا نوى المسافر الإقامة عند أهل ... ولم يكن ثم بيت، فليس بمقيم، وقال أبو يوسف: يتم الصلاة إذا كان ثمَّ قوم مستوطنون يسكنون بيوت الشهور، وإن نوى المسافر الإقامة في موطنين خمسة عشر يوماً نحو مكة ومنى أو الكوفة والحيرة لم يصر مقيماً، لأن نية الإقامة لهما تكون في موضع واحد، فإن الإقامة ضد السفر وهو ضرب في الأرض فلا يكون إقامة، وهذا إذ انوى الإقامة في موضعين فأما إذا عزم على أن يقيم في الليالي بأحد الموضعين، ويخرج في النهار إلى موضع آخر فإذا دخل أولاً الموضع الذي عزم الإقامة فيه بالنهار لا يصير مقيماً، وإن دخل أولاً الموضع الذي عزم فيه الإقامة بالليالي يصير مقيماً، ثم بالخروج إلى الموضع الآخر لا يصير مسافراً لأن موضع إقامة الرجل حيث يبيت فيه.

ألا ترى أنك إذا قلت للسوقي: أين تسكن؟ يقول: في محلة كذا، وإن علم أن يكون في السوق في النهار وكان هو الأصل يوجب اعتباره.

ومما يتصل بهذا النوع

الأسرى من المسلمين، إذا كانوا في دار أهل الحرب فانفلت منهم، وهو مسافر فوطن نفسه على إقامة خمسة عشر يوماً في بخارى، وغيره قصر الصلاة؛ لأنه محارب لهم فلا تكون دار الحرب موضع الإقامة له، وكذلك إذا أسلم الرجل من أهل الحرب في دارهم فعلموا بإسلامه وطلبوه ليقتلوه، فخرج هارباً يريد مسيرة ثلاثة أيام، فهو مسافر، إن أقام في موضع مختفياً (94ب1) شهراً منهم، أو أكثر لأنه صار محارباً لهم حتى طلبوه ليقتلوه وكذلك المستأمن إذا غدروا به وطلبوه ليقتلوه؛ لأنه صار محارباً لهم، وإن كان..... من هو لا مقيماً علانية في دار الحرب، فلما طلبوه ليقتلوه اختفى فيها،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015