موضع آخر يقول: ويقصر إذا جاوز عمرانات المصر قاصداً مسيرة ثلاثة أيام ولياليها، وهذا لأنه ما دام في عمران المصر فهو لا يعد مسافراً، والأصل في ذلك ما روي عن علي رضي الله عنه أنه خرج من البصرة يريد السفر فحان وقت العصر فأتمها ثم نظر إلى خص أمامه، فقال: إنا لو كنا جاوزنا هذا الخص قصرنا، وهكذا إن كانت المحلة منفصلة من المصر وكانت قبل ذلك متصلة بالمصر فإنه لا يقصر حتى يجاوز تلك المتصلة ويخلف دورها لأن تلك المحلة من المصر بخلاف القرية؛ لأن تلك القرية لا تكون من المصر وربما تكون من القرى وربما يترادف القرى ويتعارف المصر إلى فرسخ أو فرسخين المصر، فلو نهى عن القصر حتى يجوز القرية التي..المصر لنهي عن القصر في هذه القرى أيضاً، وهذا بعيد فعرفنا أن الشرط أن يتخلف عن عمران المصر، وبنيانه لا غير.

ثم يعتبر الجانب الذي منه يخرج المسافر من البلدة، ولا تعتبر الجوانب الذي بحذاء البلدة حتى أنه إذا خلف البنيان الذي خرج منه قصر الصلاة، وإن كان بحذاءه بنيان أخرى من جانب آخر من المصر، وهذا كله بهذا الترتيب محفوظ عن محمد رحمه الله، ذكر الفقيه أبو جعفر رحمه الله في غريب الرواية ذكر هذه الجملة شمس الأئمة الحلواني في شرح صلاته.

وذكر الصدر الشهيد عمي رحمة الله عليه في «واقعاته» : أن رجلاً خرج مسافراً من بخارى، فلما بلغ أرض أزبكستان ... أو إلى رباط وليان اختلف المشايخ فيه، والمختار: أنه يقصر الصلاة؛ لأنه جاوز الربض ومتى جاوز الربض فقد جاوز عمران البلدة.

وعن الحسن رحمه الله القرى، إذا كانت متصلة بالمصر في القرى إذا كانت متصلة بالرمض إلى ثلاث فراسخ قال: لا يقصر حتى يجاوز البيوت وإن كان ثلاث فراسخ وإن كان بين البلدة، والقرية مقدار ... لا يكون مجاوزاً وإن كان قدر مائة ذراع كان مجاوزاً، ومن مشايخنا من اعتبر مجاوزة فناء المصر إن كان بين المار وبين فنائه أقل من قدر غلوة ولم يكن بينهما مزرعة، وإن كان بينهما مزرعة أو كانت المسافة بين المصر وفنائه قدر غلوة، ولا يعتبر مجاوزة الفناء، وهذا القائل يقول: إذا كانت القرى متصلة بفناء المصر لا بربض المصر يعتبر مجاوزة الفناء لا غير، بخلاف ما إذا كانت القرى متصلة بربض المصر حتى تعتبر مجاوزة القرى، والصحيح ما ذكرنا أنه يعتبر مجاوزة عمران المصر إلا إذا كان ثمة قرية أو قرى متصلة بربض المصر، فحينئذٍ يعتبر مجاوزة القرى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015