نوع آخر في دعوى نسب ولد أمة الغير بحكم النكاح

أمة في يدي رجل لها منه ولد وإن جاء رجل وقال: الأمة التي هي في يديه، وإنه زوجها مني، وقد ولدت على فراش هذا الولد الذي في يدي، وأقام على ذلك بينة، وأقام صاحب اليد بينة أن الأمة لهذا المدعي، وأنه زوجها مني، وولدت على فراشي هذا الذي في يدي، فإنه يقضى لكل واحد منهما بالولد الذي في يديه؛ لأن كل واحد منهما يدعي الولد الذي في يديه، ولا ينازعه في ذلك أحد، ويحكم بحرية كل واحد من الولدين؛ لأن كلاً من المدعيين يقول: الولد الذي في يد صاحبي ملك صاحبي، وصاحبي أقر بحريته لما ادعى به، وقد صح إقراره بذلك، فقد تصادقا على حرية كل واحد من الولدين، فيحكم بحريتهما من هذا الوجه، وتصير الجارية أم ولد موقوفة في يد الذي في يديه لا يطؤها واحد منهما لصيرورتها أم ولد لتصادقهما على ذلك؛ لأن كل واحد منهما يقول: هي مملوكة لصاحبي، وصاحبي قد أقر بكونها أم ولد، فتصير أم ولد للحال، وتكون موقوفة؛ لأن كل واحد منهما يقر لصاحبه، وصاحبه تبرأ من ذلك، وأيهما مات عتقت، لأنهما تصادقا على حريتها بعد موت أيهما مات.Y

وإذا كانت الأمة في يدي رجل وفي يديه ولدها، فادعى آخر أنه زوجها بغير إذن مولاها، فولدت له على فراشه هذا الولد الذي في يد مولاها، وأقام البينة على ذلك، وأقام الذي في يديه الأمة بينة أن هذا الولد ابنه ولد على فراشه من أمته هذه، فإنه يقضى بالولد للزوج، وإن كان الزوج خارجاً ودعوى النسب بمنزلة دعوى النتاج إنما كانت بينة صاحب اليد أولى؛ لأن البينات استويا في الإثبات، فإن كل واحدة أثبتت أولية الملك، لا من جهة أحد فترجحت بينة ذي اليد بحكم اليد، وههنا ما استوت البينتان في الإثبات؛ لأن بينة الزوج تثبت النسب بفراش النكاح، وبينة صاحب اليد تثبت الفراش بملك اليمين (235أ4) والنسب بالنكاح آكد حتى لا ينفى بمجرد النفي، فكانت بينة الخارج أكثر إثباتاً، فكانت أولى، فإن قيل: يجب أن لا يثبت الفراش الموجب لبيان النسب بهذا النكاح؛ لأنه عقد بغير إذن المالك، والمستولد عالم به، فهو بمنزلة ما لو اشترى أمة من الغاصب، وهو عالم بذلك واستولدها، فإنه لا يثبت نسب الولد من المشتري، وطريقه ما قلنا. هذا النكاح صدر من المالك من وجه وهي الجارية؛ لأن الجارية في حق النكاح مبقىً على الحرية حتى كان لها القسم كما للحرة واعتبرت الأمة بالعبد فإن العبد في حق النكاح مبقاً على الحرية حتى يملك النكاح بإذن المولى، ولو ثبت الرق في حق النكاح لما ملكه بإذن المولى؛ كملك المال، فعلم أن النكاح صدر من المالك من وجه إلا أنه فسد لفوات شرطه وهو بمنزلة أحد الموليين إذا زوج الأمة بغير إذن الآخر، وبمنزلة العبد إذا تزوج بغير إذن المولى، وهناك ينعقد النكاح بوصف الفساد كذا ههنا. بخلاف الشراء من الغاصب لأن ذلك التصرف صدر من غير المالك من كل وجه فيكون وجوده وعدمه بمنزلة، ثم قال: ويعتق الابن بإقرار المولى بعتقه حيث ادعى نسبه، وتكون الجارية بمنزلة أم الولد للمولى تعتق بموته، لأن المولى كما أقر بالولد أقر للجارية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015