نوع آخر في دعوى المرأة نسب الولد

صبي في يدي رجل، جاءت امرأة وادعت أنه ابنها وأقامت على ذلك شاهدين؛ قضي لها بالولد، وإن لم تقم إلا امرأة، فإن كان صاحب اليد يدعيه لنفسه لا يقضى للمرأة المدعية.

قيل: هذا قول أبي حنيفة، فأما على قولهما: يقضى للمرأة المدعية بناءً على أن شهادة القابلة على الولادة إذا لم يتأيد بمؤيد، وتضمنت إبطال حق مستحق على الغير ليست بحجة عند أبي حنيفة رحمه الله. وهنا تضمنت إبطال اليد على ذي اليد، فصار وجودها والمعدوم بمنزلة بقي مجرد الدعوى من جانبها ومن جانب صاحب اليد كذلك، فيقضى لصاحب اليد، وعندهما شهادة القابلة حجة بمنزلة شهادة الرجلين، وقضي بالولد للمدعية.

وإن كان ذو اليد لا يدعي لنفسه يقضى بالولد للمرأة المدعية؛ لأن ذا اليد إذا كان لا يدعيه لنفسه وهو لقيط، فليس له على اللقيط يد مستحقة، ألا ترى أن للقاضي أن ينزعه من يده، وإذا كان للقاضي ولاية إبطال يده من غير شهادة القابلة، فمع شهادة القابلة أولى.

صبي في يدي امرأة ادعت امرأة أخرى أنه ابنها؛ وأقامت على ذلك بينة، وأقامت المرأة التي في يديها امرأة ابنها يقضى للتي في يديها، أما على قول أبي حنيفة؛ فلأن شهادة المرأة الواحدة للخارجة عند دعوى ذي اليد؛ ومجرد دعوى الخارجة سواء، وأما عندهما فلأنهما استويا في الدعوى والحجة، وترجح ذو اليد بحكم يده.

ولو شهد لكل واحد منهما رجلان قضي لذي اليد. ولو شهد لصاحبة اليد امرأة واحدة، وشهد للخارجة رجلان قضي للخارجة، أما عند أبي حنيفة فلأن شهادة امرأة واحدة على الولادة حالة المنازعة ومجرد الدعوى سواء، وأما عندهما فلأنه لا تعارض بين الحجتين؛ لأن شهادة امرأة واحدة حجة على الولادة لا غير، وشهادة الرجلين حجة في الولادة وغيرها من الأحكام.

صبي في يدي رجل لا يدعيه، أقامت امرأة بينة أنه ابنها ولدته ولم تسم أباه؛ وأقام رجل بينة أنه ولده على فراشه ولم يسم أمه، فإنه يجعل ابن هذا الرجل من هذه المرأة، ولا يعتبر الترجيح باليد كما لو كان المدعي رجلان والصبي في يد أحدهما، فإنه يقضي لصاحب اليد؛ لأن الترجيح بحكم اليد إنما يكون عند تعذر العمل بالبينتين، وقد أمكن العمل بالبينتين؛ لأنهما قامتا لإثبات نسب هذا الولد من هذا الرجل وهذه المرأة، والنسب هكذا يثبت من الرجل والمرأة، بخلاف ما إذا كانت الدعوى من رجلين؛ لأن هناك تعذر العمل بالبينتين؛ لأن النسب لا يثبت من رجلين، فرجحنا بينة أحدهما بحكم اليد والله أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015