وقال الزوج: هذا ابني منك ولدته في ملكي، فالقول قول الزوج أيضاً؛ وكان ينبغي أن القول قولها في هذه الصورة؛ لأن الولد في يدها، ألا ترى أنا جعلنا القول قول الزوج في المسألة الأولى؛ لأن الولد في يده.

واختلفت عبارة المشايخ في الفرق بين المسألتين، فعبارة بعضهم: أن الولد إن كان في يدها حقيقة فهو في يد الزوج حكماً؛ فلا تصدق المرأة في دعواها، كما لو كان في يد الزوج حقيقة، أما في يد الزوج حقيقة لا يعتبر في يد المرأة حكماً، لأن المرأة ليست بقوامة عليها بحكم النكاح، فكان الولد في يد الزوج حقيقة وحكماً.

وكذلك إذا اختلف الزوجان في متاع البيت لا يجعل القول قول الزوج فيما في يد المرأة، ولا يجعل ما في يد المرأة في يد الزوج حكماً؛ مع هذا لا يقبل قول المرأة في الولد وإن كان في يدها؛ لأن المرأة بما تقول تريد قطع النسب من هذا الزوج مقصوداً؛ لأن الأنساب للآباء، وهذا الولد ثابت النسب من هذا الزوج ظاهراً لقيام الفراش بينهما، فهو معنى قولنا: إنها تريد قطع النسب من الزوج مقصوداً، ومجرد اليد لا تصلح لذلك، ألا ترى أن اليد مع الملك لا تصلح لذلك حتى لو كان لها عبد، وهو معروف النسب من غيره؛ إذا قالت: هذا ولد فلان الآخر لا تصدق على ذلك، فأما إذا كان الولد في يدي الزوج فالزوج يقول: هذا ابني من امرأة أخرى لا يقطع نسباً ثبت منها مقصوداً؛ لأن الأنساب للآباء لا للأمهات، وليس يخرجها من يده؛ لأنه لا بد لها، فكان مصدقاً فيما ادعى، وأما إذا كان في أيديهما، فالزوج إنما لا يصدق وإن كان لا يقطع نسبها مقصوداً من جانبها؛ لأنه يريد إخراج الولد من يدها، ويدها على الولد ثابت ظاهراً، فلا يصدق في دعوى الإخراج.

وبعضهم قالوا: قيام الفراش بينه وبينها لا يمنع فراشاً له على غيرها؛ إما بنكاح ملك يمين، فإذا كان الولد في يد الزوج كان بيان سببه إليه أنه على فراش حصل له، وأما ثبوت الفراش له عليها ينافي فراشاً آخر عليها لغيره، فكان هذا الفراش في حقها متعيناً؛ وباعتباره يثبت النسب من الزوج.

وفي «المنتقى» : إبراهيم عن محمد امرأة قالت لزوجها: هذا ولدي منك وهو في يدها، وشهدت امرأة على ولادتها وكذبها الزوج؛ لزم الزوج إذا لزمها لزمه، ولو كان الزوج يدعي ذلك وكذبته المرأة، فأقام الزوج امرأة على الولادة لم يصدق الزوج، وإنما يعتبر قول المرأة الشاهدة إذا ادعت.

وفيه أيضاً ابن سماعة عن محمد: صبي في يدي رجل وامرأة؛ قالت المرأة: هذا ابني من هذا الرجل، وقال الرجل: هذا ابني من امرأة أخرى غيرها، فإنه يكون ابن الرجل، ولا يكون ابن المرأة، فإن جاءت المرأة بامرأة وشهدت على ولادتها إياه كان ابنها منه، وكانت زوجته بهذه الشهادة؛ لأني جعلته ابنهما، وإن كان الولد في يدي الرجل دون المرأة، والمرأة امرأته، فادعى الرجل أنه ولده من غيرها، وادعت المرأة أنه ابنها منه، ويكون ابنه من قبل أنه في يده.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015