وفي «نوادر ابن سماعة» : عن أبي يوسف رحمه الله في ولد الملاعنة، إذا ادعاه رجل ابنه لا يثبت نسبه منه، قال: لأنه ولد على فراش الزوج.

وفي «المنتقى» : إذا شهد الشهود لرجل أن زيداً أقر أن هذا المدعي أخوه أو أخته، أو ابن أخته، أو مولاه، فليس هذا بشيء حتى يثبتوا، وهذا بخلاف ما لو شهدوا أنه أقر أنه ابن خاله، أو ابن عمه، لأن الغالب في هذا النسب، ويورث منه.

وفي «نوادر ابن سماعة» عن محمد: صبي في يدي رجل لا يعرف نسبه ادعى رجل آخر أنه ابنه؛ قال: إن صدقه الذي الصبي في يديه يثبت نسبه منه، وإن كذبه لا يثبت نسبه منه، والمراد من المسألة الصغير الذي لا يعبر؛ لأنه إذا كان يعبر عن نفسه كانت العبرة لتصديقه وتكذيبه، لا لتصديق من في يده وتكذيبه.

قال محمد رحمه الله في «الأصل» : غلام احتلم ادعى على رجل وامرأة أنهما أبواه وأقام على ذلك بينة، وأقام رجل آخر وامرأته بينة أن هذا الغلام ابنهما، فإن البينة بينة الغلام ويقضى بنسب الغلام من اللذين ادعاهما الغلام؛ لأن البينات استويا في إثبات النسب، فإن كل بينة تثبت النسب بفراش النكاح، وترجح بينة الغلام من حيث إن الغلام ببينته يثبت حق نفسه، واللذين أنكرهما الغلام بنسبهما يثبتان حق غيرهما، وهو الغلام؛ لأن معظم المنفعة في النسب للولد لا للوالدين، لأن الولد يُعَيَّر إذا لم يكن (233ب4) له والد معروف، وأما الوالد لا يعير إذا لم يكن له ولد وبينة من يثبت الحق لنفسه أولى بالقبول، لأنه أشبه بالمدعيين، ولأن النسب بمعنى النتاج؛ وفي النتاج بينة ذي اليد أولى؛ والغلام ذو اليد لأنه في يد نفسه.

قال: وكذلك غلام نصراني قد احتلم أقام شاهدين مسلمين على رجل وامرأته من النصارى أنه ابنهما، فأقام رجل مسلم وامرأة مسلمة شاهدين من النصارى على هذا الغلام أنه ابنهما؛ قضيت ببينة الغلام ويثبت نسبه من اللذين ادعاهما الغلام، لأن ما أقام الغلام من البينة حجة على المسلمين، وما أقام المسلمان حجة على الغلام، فاستوت البينتان من هذا الوجه، وترجحت بينة الغلام من الوجهين اللذين ذكراهما، ولو كان بينة الغلام نصرانيان ثبت نسبه من المسلمين؛ لأن ما أقام الغلام من البينة ليست حجة على المسلمين، فكأن الغلام لم يقم بينة، ولو لم يقم الغلام بينة يقضى ببينته من المسلمين نسبهما؛ لأنهما بينتان حقاً لأنفسهما، وهذا لأن معظم المنفعة في النسب، وإن كان الغلام وللوالدين فيه حق أيضاً، فإنهما يستحقان عليه حقوقاً مالية؛ فتقبل بينتهما إذا لم يكن للغلام ما هو حجة في حقهما.

وإذا قضى بنسب الغلام من المسلمين يجبر الغلام على الإسلام إن كان الأبوان مسلمين في الأصل، أو كانا كافرين في الأصل؛ إلا أنهما أسلما والغلام صغير؛ لأن الصغير يصير مسلماً بإسلام الأبوين، فإذا بلغ كافراً يجبر على الإسلام، لكن لا يقتل إن أبى الإسلام، والمسألة معروفة في السير.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015