نوع آخر في دعوى الرجل نسب الغلام
وإنه ينقسم أقساماً: قسم في دعوى الخارج مع ذي اليد، وقسم في دعوى الخارجين، وقسم في دعوى صاحب اليد.
أما القسم الأول في دعوى الخارج مع ذي اليد: قال محمد في «الأصل» : لو أن حراً مسلماً في يديه غلام يدعي أنه ابنه؛ جاء مسلم حر أو ذمي أو عبد، وأقام بينة أنه ابنه، ولا بينة لصاحب اليد قضي بنسبه من المدعي؛ لأن البينة لا تعارضها اليد، ولا قول ذي اليد.u
بعد هذا ذكر شيخ الإسلام رحمه الله: ويكون الولد حراً في ذلك كله، قال: وهذا الجواب لا يشكل فيما إذا كان المدعي حراً، ويشكل فيما إذا كان المدعي عبداً؛ لأن ماء العبد رقيق ما لم يثبت اتصاله برحم الحرة، وإذا لم يسم أمته لم يثبت اتصاله برحم الحرة، ثم أجاب فقال: حرية الولد قد ثبتت ظاهراً حين ادعى صاحب العبد نسبه، وهو حر وبما أقام العبد من البينة لم تبطل تلك الحرية؛ لأنهم لم يسموا أمتهم يجوز أن تكون أمته حرة حتى لو أقام العبد بينة أن هذا ابنه من امرأته هذه، وامرأته أمة يبطل ما ثبت للولد من الحرية بإقرار ذي اليد. وذكر شمس الأئمة الحلواني: ويكون الصبي حراً إلا في العبد خاصة، فإنه إذا ثبت نسبه من العبد يكون مملوكاً وهو الأشبه.
قال: وإذا كان الصبي في يدي رجل يدعي أنه ابنه ويقيم على ذلك بينة، ورجل آخر يقيم بينة أنه ابنه قضي لصاحب اليد؛ لأن النسب في معنى النتاج، وفي النتاج بينة ذي اليد أولى فكذا في النسب.
ولو أقام صاحب اليد بينة أنه من امرأته هذه؛ وأقام رجل آخر بينة أنه ابنه من امرأته هذه قضي للذي في يديه؛ لأنهما استويا في اليد على الأم، ولأحدهما يد على الولد قد ترجح من له يد على الولد؛ كما في دعوى النتاج، ثم أجعله ابن الرجل والمرأة الذي هو في أيديهما، سواء ادعى الأب وجحدت المرأة، أو ادعت المرأة وجحد الابن يريد به إذا ادعى الرجل الذي في يديه الصبي أنه ابنه من امرأته هذه والمرأة تجحد، وادعت المرأة الصبي في يدها أنه ابنها من زوجها هذا والزوج يجحد.
وهذا بناء على أن الأب ينتصب خصماً عن ابنه في إثبات نسبه من الأم؛ لأن النسب حق الولد، والأب ينتصب خصماً عن ابنه في إثبات حقوقه، فصار إقامة البينة من الأب كإقامة البينة من الابن لو كان بالغاً، ولو كان بالغاً وأقام البينة على الأم أنه ابنها ثبت نسبه منها كذا ههنا. وكذلك الأم تنتصب خصماً عن الابن في إثبات النسب من الأب؛ لأن النسب محض منفعة في حق الصغير، فالأم والأب في ذلك على السواء، ألا ترى أنه كما يصح قبول الهبة من الأب على ابنه الصغير يصح قبولها من الأم على الصغير، وإنما التفاوت بين الأم والأب في الحقوق المترددة بين الضرر والنفع، والأب ينتصب خصماً عن الصغير في ذلك والأم لا تنتصب، وإذا انتصبت الأم خصماً عن الصغير في إثبات نسبه من الأب صار إقامة الأم البينة على ذلك كإقامة الابن لو كان