ملكه للمنعتق نصف الولاء بإعتاق النصف، ولا ولاء للمدعي؛ لأنه زعم أنه علق حر الأصل، وأنه لا ولاء له عليه وزعمه يعتبر في حقه.

وأما على قول أبي يوسف ومحمد: حين أعتقه أحدهما فقد عتق كله، وكان جميع الولاء للمعتق، فإذا ادعاه الآخر بعد ذلك، فإنما ادعى نسب حر صغير ليس له نسب معروف، فتصح دعوته استحساناً لا قياساً، كما لو ادعى نسب لقيط.

هذا إذا ادعاه الآخر، وأما إذا ادعاه المعتق، فعلى قول أبي حنيفة رحمه الله: صحت دعوته قياساً واستحساناً؛ لأنه نصيبه باقٍ على ملكه، وعلى قولهما: صحت دعوته استحساناً، لأنه ادعى نسب حر صغير ليس له نسب معروف من غيره، هذا إذا كان الولد صغيراً، وإن كان كبيراً يعبر عن نفسه، فإن أقر بذلك، فهو ثابت النسب من المدعي سواء ادعى العتق أو لا، وإن جحد ذلك لم تصح دعوى المعتق؛ لأنه لا ملك (232أ4) له فيه وتصح دعوى الآخر عند أبي حنيفة، إلا أن نصيبه باق على ملكه، وعلى قولهما: لا تصح دعوى أحدهما؛ لأنه لا ملك لأحدهما فيه عندهما.

نوع آخر في دعوى الإنسان نسب غيره والشهادة عليه

ما يجب اعتباره في هذا النوع شيئان:

أحدهما: أن البينة إذا قامت على خصم حاضر قبلت، وإذا قامت على خصم غائب لا تقبل، إلا إذا كان عنه خصم حاضر، أما قصدي وهو ظاهر، أو حكمي وذلك بطريقين: أحدهما: أن يكون المدعي على الغائب سبباً لثبوت المدعي على الحاضر لا محالة، وقد ذكرنا ذلك غير مرة. والثاني: أن يكون الذي أقام البينة وارثاً، وتكون الدعوى واقعاً على الميت، فإن البينة تقبل على الوارث إذا كانت الدعوى في المال؛ لأن الوارث يقوم مقام المورث في المال، وفيما هو من آثار المال، وفي الحقوق المتصلة بالمال، فتقوم مقامه في الخصومة فيه

الثاني: أن من ادعى على آخر دعوى، وأقام عليه بينة، إن كان المدعى عليه ممن يجوز إقراره للمدعي فما وقع فيه الدعوى سمع دعوى المدعى عليه، وقبلت بينته بذلك عليه؛ لأنه لما جاز إقراره به علم أنه خصم؛ لأن الإقرار إنما يجوز من الخصم، والبينة على الخصم مقبولة والدعوى عليه مسموعة، وإن كان المدعى عليه ممن لا يتصور إثبات نسب ما وقعت فيه الدعوى، فإنه لا تقبل البينة عليه، كالرجل يدعي على آخر أنه أخوه لأبيه أو أمه، أو لأبيه ولأمه، والمدعي ليس يدعي عليه حقاً من ميراثه من جهة أبيه أو من جهة أمه، أو نفقة أو نحوه، فإنه لا تسمع بينته عليه، لأن المدعى عليه ممن لا يجوز إقراره للمدعي بما وقع فيه الدعوى، فإنه لو أقر أنه أخوه لا يصح إقراره؛ لأنه يحتمل النسب على أبيه وأمه، ولا يتصور من المدعى عليه إثبات سبب ما وقع فيه الدعوى؛ لأن سبب ثبوت الأخوة من المدعى عليه إذا كان المدعي يدعي الأخوة من جهة الأب، أو من جهة الأم أن يكون المدعي ابن أبيه أو ابن أمه، وذلك بإيلاد الأب أو بولادة الأم، وإنه لا يتصور من المدعى عليه، ولما لم يصح من المدعى عليه الإقرار بما وقع فيه الدعوى،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015