وإن اتفقت الورثة أنهم لا يدرون التي وطئها الميت أولاً، فإنه لا يثبت نسب واحد من الولدين من الميت، ولكن يعتق نصف كل واحد من الولدين، ونصف كل واحد من الجاريتين، وسبب كل واحد من الولدين في نصف القيمة، وردت الورثة على البائع نصف ثمن كل واحد من الجاريتين، ونصف العقر من التركة، فإن لم يمت المشتري وادعى نسب الولدين، وادعى البائع نسب الولدين أيضاً، فهذا على وجهين:

الأول: أن تكون الدعوى من البائع بعد دعوى المشتري، وفي هذا الوجه تصح دعوى البائع في الولد الذي يرد عليه في أمه، كيف جاءتا بالولدين لأقل من ستة أشهر من وقت البيع، أو لستة أشهر؛ لأن دعواه صادفت ملك نفسه، ولم تصح دعواه فيما صار للمشتري لا يصح في هذه الصورة من غير تصديق المشتري، فبعد دعوته أولى.

وأما إذا جاءتا لأقل من ستة أشهر لا تصح أيضاً؛ لما دخل عليه عتق المشتري، وإن ادعياهما جميعاً إذا جاءتا بالولد لستة أشهر، فدعوى البائع صحيحة فيما صار له، ولا تصح دعوته فيما صار للمشتري، وإن جاءتا بالولد لأقل من ستة أشهر، فدعوى البائع أولى في الولدين؛ لأن دعوته دعوى استيلاد، ودعوى المشتري دعوى تحرير.

نوع آخر في دعوى الولد بعد العتاق

إذا أعتق الرجل عبداً صغيراً له، ثم ادعى أنه ابنه صحت دعوته استحساناً، والقياس: أن لا تصح؛ لأنه يتناقض في هذه الدعوى. بيانه: أن إقدامه على الإعتاق إقرار منه بصحة الإعتاق، وإنما يصح إعتاقه إذا لم يكن ابناً له؛ لأنه إذا كان ابناً له، وكان العلوق في ملكه كان حر الأصل، وإن لم يكن العلوق في ملكه، فإذا دخل في ملكه يعتق عليه، فلا يصح إعتاقه بعد ذلك، وإقدامه على الإعتاق يكون إقراراً منه أنه ليس بابن له، فيصير بدعواه أنه ابنه متناقضاً.

وجه الاستحسان: أن هذا إقرار العبد وهو الابن؛ لأن عظم المنفعة في هذا الميراث للابن، والإقرار للغير صحيح من غير تصديق، وههنا يبطلان على التكذيب، ولم يوجد التكذيب ههنا، وقوله بأنه متناقض في هذه الدعوى قلنا نعم، ولكن التناقض في هذا الباب لا يضر، ألا ترى أنه لو صرح فقال: هذا ليس بابني، ثم قال: هذا ابني، تصح دعواه لنفسه لأن بقوله: ليس هذا بابني؛ أنكر أن يكون للابن عليه حقوق مالية وبقوله هذا ابني بعد ذلك أقر بالحقوق المالية، والإقرار بالحقوق بعد إنكارها صحيح.

عبد صغير بين رجلين أعتقه أحدهما ثم ادعاه الآخر بعد ذلك، فهو ابنه عند أبي حنيفة؛ لأن الإعتاق عنده متجزئ، فاقتصر الإعتاق على نصيب المعتق، وبقي نصيب الآخر مملوكاً له، فإذا ادعاه الآخر، فإنما ادعى نسب ولد مملوك فتصح دعوته، ويكون مولى لها إن كانت دعوى المدعي دعوى تحرير بأن لم يكن العلوق في ملكهما، لأن المعتق استحق نصف الولاء بينهما، فإن كانت دعوته دعوى استيلاد بأن كان العلوق في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015