نظائره «السير الكبير» العبد المرهون إذا ... ؟، ثم وقع في الغنيمة فوجده المرتهن قبل القسمة فأقام البينة أنه رهن عنده لفلان، وأخذه لا يكون هذا قضاءً على الغائب بالرهن؛ لأنه لا يحتاج إلى إثبات الرهن؛ لأن الإيداع كافٍ له، فتبين بهذا أن قبول البينة لإثبات الرهن على الغائب ولا وجه إليه.
نوع آخر
قال محمد رحمه الله في وصايا «الجامع» : رجل هلك وترك ثلاثة ألاف درهم، وترك وارثاً واحداً فأقام رجل البينة أن الميت أوصى له بثلث ماله وجحد الوارث ذلك، فالقاضي يسمع بينته على الوارث ويقضي بوصيته، فإن دفع الوارث الثلث إلى الموصى له، ثم جاء رجل آخر وأقام بينة أن الميت أوصى له بثلث ماله، وقد غاب الوارث ذلك، فأحضر الموصى له إلى القاضي فالقاضي يجعل الموصى له خصماً، ويسمع بينته عليه ويأمره أن يدفع نصف ما في يده إلى المدعي الثاني؛ لأن الثاني يدعي لنفسه نصف ما في يد الأول، والأول يجحد ذلك فينتصب خصماً له.
وإذا قبلت بينة الثاني والثابت بالبينة كالثابت عياناً صار كأن القاضي عاين وصيتهما، وهناك يجعل الثلث بينهما نصفان، كذا هاهنا فإن لم يكن عند الأول شيء بأن ملك ما في يده أو استهلكه، وهو معدم فأحضر القاضي الوارث وأراد أن يأخذ منه بعض ما في يده فجحد الوارث وصيته لم يكلف الثاني إعادة البينة على الوارث؛ لأن الميت صار مقضياً عليه أيضاً فكان للموصى له الثاني أن يأخذ من الوارث خمس مافي يده، ثم الثاني مع الوارث يتبعان الأول (206ب4) فيأخذان نصف ما أخذ بغير حق، فإذا أخذ بذلك اقتسماه على خمسة أسهم؛ سهم للموصى له الثاني وأربعة أسهم للوارث، والخصومة إلى القاضي الذي قضى للأول، وإلى قاضٍ آخر سواء؛ لأن الأول إنما صار خصماً للثاني بحكم يده.
وفي حق هذا المعنى هذا القاضي وقاضي آخر سواء، ولو كان الموصى له الأول هو الغائب، فأحضر الثاني الوارث فالقاضي يقضي على الوارث؛ لأن الوارث خليفة الميت، فينتصب خصماً عنه فيما يستحق عليه، ويكون ذلك القضاء على الوارث قضاءً على الموصى له الأول؛ لأن الوارث لما انتصب خصماً عنه صار الميت مقضياً عليه، وإذا صار الميت مقضياً عليه صار الموصى له مقضياً عليه؛ لأن الموصى له بمنزلة أحد الورثة.
وإن كان القاضي قضى بوصية الأول، ولم يدفع إليه شيئاً حتى خاصمه الثاني والوارث غائب، فإن خاصمه إلى ذلك القاضي بعينه جعله خصماً؛ لأن القاضي عرف أن ثلث الثلث ملك الموصى له الأول، إلا أنه أمانة في يد الوارث، ويد الأمين كيد المالك، فصار من حيث التقدير كأنه في يد الموصى له الأول، وإن خاصمه إلى قاضٍ