ادعى على ميت ألف درهم ديناً، وقضى القاضي له بذلك ببينة أقامها وأخذها، ثم جاء رجل آخر وادعى على الميت ألف درهم دين وأنكرت الورثة، وأقر الغريم الأول فإن ما أخذه الأول يكون بين الأول، وبين الثاني دعوى الدين على المودع لا تصح بخلاف دعوى الوارث عليه التركة إذا كانت مستغرقة بالدين فجاء غريم آخر وأراد إثبات دينه بالبينة، فإنما يثته على الوارث لا على غريم آخر، ولكن لا يحلف الوارث؛ لأن فائدة الحلف النكول الذي هو إقرار، والوارث لو أقر بالدين والتركة مستغرقة بالدين لا يصح إقراره، ولا يظهر الدين في حق غريم آخر، هذا هو المذكور في سائر الكتب، ولم يذكر في شيء من الكتب أنه هل يصح إقرار هذا الوارث في حق نفسه؛ حتى لو ظهر للميت مال آخر يستوفي دين (201أ4) هذا الغريم من نصيب الوارث المقر، وينبغي أن يصح، ولكن لا يحلفه لهذه الفائدة الموهومة، والله أعلم.

قال محمد رحمه الله «الأصل» : رجل في يديه دار مبنية جاء رجل وأقام بينة أنها داره وذكرا البناء في شهادتهما أو لم يذكرا، ثم ماتا أو غابا قبل أن يسألهما القاضي عن البناء، فإن القاضي يقضي بالدار ببنائها للمدعي أما إذا ذكروا البناء فلا شك فيه، وأما إذا لم يذكروا البناء؛ فلأن البناء مركب في الأرض تركيب إفراز فيدخل تحت ذكر الأرض خصوصاً في ذكر الدار؛ لأن في الغالب تستعمل الدار في المبني، ثم إذا قضى القاضي للمدعي بالدار ببنائها أقر المدعي بعد ذلك وقال: ليس البناء لي وإنما هو للمدعى عليه ولم يزل له أو قال ذلك بعد الشهادة قبل القضاء، فإن هذا إكذاب للشاهد وبطلب الشهادة والقضاء في البناء والدار جميعاً وإن قال: البناء للمدعى عليه فهذا ليس بإكذاب لشهوده؛ هكذا المسألة في «الأقضية» .

وذكر في آخر شهادات «الأصل» أن الشهود إذا ذكروا البناء في شهادتهم، وقضى القاضي بشهادتهم، ثم أقر المدعي بعد ذلك بالبناء للمدعى عليه كان ذلك إكذاباً لشهوده، وبطلت الشهادة والقضاء وإن لم يذكروا الثاني في شهادتهم وقضى عليهه بالدار والبناء، ثم أقر بالبناء للمدعى عليه لا يكون ذلك إكذاباً لشهوده.

وجه الفرق على رواية شهادات «الأصل» : أن البناء إذا لم يكن ملفوظاً في الشهادة فالقضاء بالبناء ما كان لكونه مشهوداً بل تبعاً للأرض؛ لأن حكم الأصل يثبت في التبع إلا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015