الله، وإليه مال الحاكم عبد الرحمن والقاضي الاسبيجاني والشيخ الإمام شمس الأئمة السرخسي، قال الصدر الشهيد رحمه الله: والفتوى على الأول؛ لأن الطالب رضي بالقسمة، وهذه القسمة لا تضمن فوات منفعة على الآبي منفعة كانت له قبل القسمة صاحب الكثير ينتفع بنصيبه فيكون هذا في حق الآبي قسمة لا إتلافاً، والقسمة مستحقه بطلب أحدهما، هكذا ذكر في «شرح كتاب القسمة» وذكر هو رحمه الله في «شرح أدب القاضي» للخصاف: أن الأصح أن القاضي لا يقسمها.
ووجه ذلك: أن الطالب وإن رضى بالضرر إلا أن رضاه بالضرر لا يلزم القاضي شيئاً إنما الملزم طلب الإنصاف من القاضي وإيصال الطالب إلى منفعة ملكه، وذلك لا يوجد عند طلب صاحب القليل.
قال أبو حنيفة رحمه الله: إذا كان بين رجلين حائط طلب أحدهما القسمة من القاضي، وأبى الآخر، فالقاضي لا يقسمها؛ لأنه لو قسم بعد الهدم كان في الهدم إتلاف المنفعة، ولو قسم قبل الهدم بالمساحة كما تقسم الأرض كان ذلك تسبباً إلى إتلاف المنفعة؛ لأن للطالب أن ينقض نصيبه بعد القسمة لأنه يكون متصرفاً في نصيبه، وكما لا يجوز إتلاف المنفعة لا يجوز التسبب إليه، وكذلك الحمام لا يقسم بطلب بعض الشركاء؛ لأن هذه القسمة إتلاف منفعة الحمام؛ لأنه لا ينتفع به انتفاع الحمام إلا بجميعه، وإن قسموا ذلك فيما بينهم تركهم القاضي وذلك لأن الحق لهم، فيكون التدبير في ذلك إليهم.
في «المنتقى» : في أول الباب الأول من كتاب القسمة: حائط بين دارين سقط حتى بدى أسفله قال أحد الشريكين في الحائط: أقسم، وقال الآخر: لا بل ابني، قال محمد رحمه الله: لا أقسم بينهما؛ فلعله أن يقع نصيب كل واحد منهما إن قسم مما يلي الآخر رواه هشام.
وذكر في آخر هذا الباب ابن سماعه عن محمد رحمها الله: حائط بين رجلين، وأرضه كذلك بينهما انهدم الحائط، وأرض الحائط مما يستطاع قسمته، طلب أحدهما القسمة، فإن كان لهما عليه جذوع لا يقسم أرض الحائط، وإن لم يكن لأحدهما عليه جذوع قسمت أرض الحائط.
وإذا كان بناء بين رجلين في أرض رجل قد بناه فيها بإذنه، فأراد أحدهما قسمة البناء وهدمه، وأبى الآخر وصاحب الأرض غائب لا يكلفهما ذلك، فالقاضي لا يقسمها بينهما؛ لأنه ما لم يكلفهما صاحب الأرض الهدم فلهما حق القرار، فكان بمنزلة ما لو كان البناء في أرض هي ملكهما، ولو كان كذلك وطلب أحدهما من القاضي قسمة البناء وهدمه، وأبى الآخر، فالقاضي لا يقسمها بينهم كذا ههنا، ولو فعلا ذلك بأنفسهما تركهما القاضي، وذلك لما ذكرنا.
قال محمد رحمه الله في «الأصل» : في دكان في السوق بين رجلين يبيعان فيه بيعاً أو يعملان فيها بأيديهما، فأراد أحدهما قسمته وأبى الآخر، فإن القاضي ينظر في ذلك،