إن كان لو قسم أمكن لكل واحد منهما أن يعمل في نصيبه العمل الذي كان يعمله قبل القسمة قسم، وإن كان لا يمكنه ذلك لا يقسم، وإنه يخرج على ما ذكرنا.
وإذا كان زرع بين رجلين، فأرادوا قسمة الزرع فيما بينهم دون الأرض، فالقاضي لا يقسمه، أما إذا بلغ الزرع وتسنبل، لأنه بعد ما بلغ وتسنبل صار مال الربا، وفي القسمة معنى المبادلة فلا يجوز مجازفةً.
فإن قيل: ينبغي أن يصرف حبّ هذا إلى بين ذلك، وبين ذلك إلى حب هذا احتيالاً للجواز، كما لو اشترى قفيز حنطة وقفيز شعير بقفيزي حنطة وقفيزي شعير، فإنه يصرف حنطة هذا الجانب إلى شعير ذلك الجانب، وشعير هذا الجانب إلى حنطة ذلك الجانب إحتيالاً للجواز، والجواب من وجهين:
أحدهما: أن موضوع هذه المسألة أنهما طلبا القسمة من القاضي، ومتى كانت القسمة من القاضي لا يمكن صرف الجنس فيها إلى خلاف الجنس، لأنها تكون مبايعة، وإلى القاضي القسمة عند طلب بعض الشركاء لا البيع. فعلى قول هذا التعليل لو حصلت القسمة بالتراضي يجوز؛ لأن لهما القسمة والمبايعة، فمتى تعذر وتجويزها مقاسمة تجوز مبايعة.
الوجه الثاني: أنه إنما يصرف الجنس إلى خلاف الجنس إذا كان الجنس الآخر محلاً للبيع يجوز إفراد العقد عليه بانفراده، كما في الحنطة مع الشعير أما (3ب4) إذا لم يكن الجنس الآخر محلاً للبيع فإنه لا يصرف الجنس إلى خلاف الجنس.
ألا ترى أنه لو باع قفيز تمر بقفيزي تمر لا يجوز، ولا يصرف جنس هذا إلى نوى ذلك؛ لأن النوى بانفراده ليس بمحل البيع لو باعه لا يجوز.
إذا ثبت هذا فنقول: الحنطة في سنبلها إن كانت محلاً للبيع فتبنها ليس بمحل للبيع، ألا ترى أنه لا يجوز بيعه، فلا يصرف الجنس إلى خلاف الجنس، فعلى قول هذا التعليل وإن اقتسما بتراضيهما لا يجوز.
وأما إذا كان الزرع بقلاً فإنما لا يقسم القاضي إذا كانت القسمة بشرط الترك؛ لأنه إذا قسم بشرط الترك فقد شرط في القسمة إعارة الأرض، وإنه شرط فاسد، والقسمة لا تصح مع الشرط الفاسد.
وأما إذا أراد القسمة بشرط القلع فله أن يقسم، إذ ليس في هذه القسمة شرط العارية لو لم يصح لهما لا يصح لمكان الضرر وقد رضيا به، وهذا الجواب على إحدى الروايتين، فأما على الرواية الأخرى ينبغي أن لا يقسم القاضي وإن رضيا به كما ذكرنا هذا إذا طلبا القسمة من القاضي، وإن طلب أحدهما وأبى الأخر فالقاضي لا يقسم على كل حال. ولو قسما الزرع بأنفسهما، فإن كان الزرع قد بلغ وتسنبل فالجواب فيه قد مر، وإن كان الزرع بقلاً إن قسما بشرط الترك لا يجوز، وإن قسما بشرط القلع جاز باتفاق الروايات.
وفي «المنتقى» زرع بين رجلين اقتسماه قبل أن يدرك، قال أبو حنيفة: لا يجوز،