ولو أن البائع لم يقبل هذا العبد من الوصي حتى خاصمه إلى القاضي، فإن كان القاضي علم بدين الآخر لا يرده بل يبيعه ويقسم الثمن بينهما؛ لأن فيه إبطال حق غريم الآخر؛ لأن الرد بقضاء فسخ من كل وجه، فيبطل البيع ويعود إلى الأصل، فيسقط الثمن، فلا يصل الغريم شيء لا يضمن البائع نقصان العيب لا قبل بيع القاضي ولا بعده، أما بعد بيع القاضي؛ فلأن بيع القاضي حصل للميت، فيجعل كأن الميت باع نفسه، ولو باع الميت نفسه حال حياته، ثم اطلع على عيب به لم يرجع بنقصان العيب فههنا كذلك، وأما قبل بيع القاضي فلأن امتناع الرد في هذه الصورة كان بمعنى من جهة المشتري وهو اكتسابه سبب وجود الدين للغريم الآخر وامتناع الرد بمعنى من جهة المشتري لايثبت حق الرجوع بنقصان العيب.
وإن لم يعلم القاضي بدين الغريم وخاصم الموصي البائع في العيب رده بالعيب على البائع؛ لأن الموجب للرد قد ظهر وهو العيب، وفي المانع شك، ويبطل الثمن الذي للبائع على الميت؛ لأن الرد بقضاء القاضي فسخ من كل وجه، ومتى صح الفسخ والثمن غير منقود يبطل عن المشتري، فإن أقام الغريم الآخر بينة على دينه، خير البائع المردود عليه إن شاء أمضى الرد وضمن الغريم الآخر نصف ثمن العبد، فيصير الثمن بينهما نصفان، وإن شاء نقض الرد، ورد العبد حتى باع في دينهما؛ لأنه ظهر دين الغريم الآخر بعذر صحيح، هذا الرد من القاضي (يعد) فسخاً من كل وجه لما فيه من إبطال حق الغريم الآخر، فاعتبر رده بيعاً جديداً كيلا يبطل هذا الرد، أمكن اعتباره بيعاً جديداً لوجود معنى البيع فيه، وهو التمليك والتملك.
ولو أن رجلاً اشترى عبداً في صحته بألف درهم وقبض العبد ولم ينقد الثمن حتى مرض وعليه دين ألف درهم، فوجد بالعبد عيباً فرده بغير قضاء أو استقال البيع البائع فأقاله برئ من مرضه، فجميع ما صنع صحيح، وإن لم يبرأ من مرضه ومات وقيمة العبد مثل الثمن أو أقل منه ولا مال له غيره كان الجواب فيه كالجواب في الوصي إذا رد العبد بغير قضاء وإن أقاله البيع وقيمة العبد مثل الثمن أو أقل منه؛ لأن المريض مرض الموت يملك بيع ماله، ولا يمكن إيثار بعض الغرماء على البعض كالوصي، ولو لم يقبل البائع البيع حتى خاصم المشتري البائع إلى القاضي في العيب في مرض المشتري، فالقاضي يرد العبد عليه سواء علم بدين الغريم الآخر أو لم يعلم، بخلاف مسألة الوصي، فإنه إذا خاصم البائع في العيب إلى القاضي بدين الغريم الآخر فالقاضي لايرده. والفرق سواء أن الميت للرد بموجود في الحالين لكن عسى يمتنع عمل الميت، والموجب لمانع، ففي مسألة المريض المانع وهو حق الغريم موهوم؛ لأن حق الغريم إنما يتعلق بمال المريض إذا كان المريض مرض الموت ولا يدرى في الحال أنه هل يتصل بهذا المرض الموت أو (لا) يتصل، وإذا وقع الشك لايمتنع عمل المثبت، أما في فعل الموصي المانع ثابت قطعا؛ لأن الوصي إنما يخاصم البائع بعد الموت، وبعد الموت المانع ثابت قطعاً، فجاز أن يمتنع عمل المثبت والموجب.