فإن مات المشتري من مرضه بعدما رده عليه، فالجواب فيه كالجواب في الوصي إذا رده بالعيب نقضاً، فلم يعلم القاضي بدين الغريم الآخر؛ لأنه لما مات ظهر أن المرض مرض الموت من ابتدائه، فظهر أن حق الغريم الآخر كان متعلقا بماله حتى رده القاضي على البائع كما لو رده الوصي فيكون الجواب في الوصي، إلا في خصلة أن ههنا متى كانت قيمة العبد أكثر من الثمن، فإنه لا يجبر المردود عليه بنقض (106ب3) الرد، ويباع العبد ويقسم الثمن نصفين.

و (لو) قال: أنا أمسك العبد وأرد نصف القيمة حتى تزول المحاباة، لم يكن له ذلك، وفي الوصي يخير المردود عليه، والفرق: أنه لما مات من مرضه ظهر أنه ماكان للقاضي ولاية الفسخ ليتعلق حق الغريم بماله، وإن فسخه لم يصح، فاعتبر عقداً جديداً وفيه محاباة، والمحاباة لا تعفي من المريض، وإن قلت: إذا كان عليه دين مستغرق لتركته، فتعذر تصحيح الرد من هذا الوجه وتعذر تصحيحه بتبليغ الثمن إلى تمام الصحة؛ لأن الرد بقضاء القاضي فسخ من كل وجه، فلا يصح الفسخ تأكيداً من الثمن الأول، وإذا تعذر تصحيح الرد بالطريقين تعين بعض الرد، فأما الوصي فعفى عنه المحاباة اليسيرة، فأمكن تصحيح الرد بمثل الثمن، فلهذا يخير فيه البائع. وهذه المسألة من أغرب المسائل، فإن عفي فيه المحاباة اليسيرة من الثابت ولم يعف من الأصل وهو المريض.

وإذا أمر رجل رجلاً ببيع عبد له، فباعه الوكيل وسلمه وقبض الثمن من المشتري أو لم يقبض حتى وجد المشتري بالعبد عيباً وخاصم الوكيل في العيب فقبله الوكيل بغير قضاء، فإن كان ذلك عيباً يحدث مثله من وقت البيع يلزم الوكيل دون الموكل، فلا يكون للوكيل أن يخاصم الموكل، وإن كان عيباً لا يحدث مثله في تلك المدة ذكر في «الأصل» أنه يلزم الموكل يجب أن يعلم أن الوكيل بالبيع والشراء خصم في الرد بالعيب من حقوق العبد فيرجع إلى العاقد، والوكيل في حق الحقوق كالعاقد لنفسه.

وإذا رد عليه بالعيب بعد القبض فهو على وجهين:

إن رد عليه برضاه والعيب مما يحدث مثله يلزم الوكيل باتفاق الروايات، ولا يكون له مخاصمة الموكل، كأن الوكيل اشتراه ثانياً من المشتري، وإن كان عيباً لا يحدث مثله في مدة البيع ذكر في بيوع «الأصل» أنه يلزم الموكل؛ لأنهما فعلا بأنفسهما عين مايفعله القاضي؛ لأن الرد متعين في هذا، فيجعل فعلهما كفعل القاضي، وذكر في عامة الروايات أنه يلزم الوكيل؛ لأن الرد بالعيب بعد القبض بالتراضي عقد جديد في حق الثالث والموكل ثالثهما.

وإن كان الرد بقضاءٍ فهو على ثلاثة أوجه: إن كان ببينة قامت على الوكيل لزم الموكل؛ لأن البينة حجة في حق الناس كافة، فيعد الرد على الموكل، وإن كان الرد بنكول الوكيل، فكذلك يكون رداً على الموكل؛ لأن الوكيل مضطر في النكول كما هو مضطر في سماع البينة إذا لم يستبق منه ما يطلق اليمين على انتفاء العيب؛ لأن الإنسان كما يوكل غيره ببيع السليم يوكل ببيع المعيب، فاعتبر نكوله بالبينة، ولكن الوكيل مع الموكل على خصومته، فإن أقام بينة أن هذا العيب كان عند الموكل رده عليه، وإن لم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015