(106أ3) من صاحبي أخذ ذلك منه بغير حق، فإذا أخذ منه قدر النقصان، فقد أخذ بعض حقه، وهذا لا يوجب سقوط حقه في الرجوع بنقصان العيب علي، أما في فصل الرد في زعم الآخر أن للمشتري حق الرد علي بالثمن لا على صاحبي، فإذا رد عليه لم يكن له حق الرد عليه كان ذلك منه بمنزلة بيع جديد، وبه يبطل حق الرجوع بنقصان العيب.
ولو مات العبد، ثم اطلع على عيب قديم رجع بنقصان العيب عليهما إن شاء لما مر، ولو قطعت يد العبد المشترى وأخذ المشتري أرشها، ثم وجد به عيباً قديماً كان له أن يرجع بالنقصان عليهما؛ لأن الأرش زيادة منفصلة والزيادة مانعة من الرد بالعيب، فيكون له حق الرجوع بنقصان العيب عليهما لما مر، فإن قال أحدهما: أنا أقبله كذلك؛ لأن امتناع الرد بسبب الزيادة إنما كان لحق الشرع تحرزاً عن الربا، فلا يسقط ذلك برضا العبد، فإن باعه المشتري فإنه يبطل حق الرجوع بنقصان العيب، والفرق وهو أن البيع إنما يوجب بطلان الرجوع بنقصان العيب في موضع بقي حق الرد في نفسه بعد حدوث العيب ليصير المشتري بالبيع راضياً بذلك العيب، فيبطل حقه من كل وجه.
وفيما إذا تعيب المبيع بعيب زائد بقي للمشتري حق الرد في نفسه، ولهذا لو قال البائع: أنا أقبله كذلك كان له أن يرده عليه، وبالبيع يبطل حقه من كل وجه، أما بعد القطع لم يبق له حق الرد في نفسه، ولهذا لو قال البائع: أنا أقبله كذلك لايملك الرد، فإذا لم يبق حقه في الرد تعذر حقه في النقصان قبل البيع، فلا يبطل بالبيع، فإن كان أقام أحدهما البينة أنه عبد وباعه من ذي اليد يوم الجمعة بمائة دينار يقضى بالثمنين؛ لأن الحاجة ههنا إلى إثبات الثمن، فإن وجد به عيباً رده إلى الثاني، وكذلك لو تعذر بالعيب يرجع بنقصان العيب على الثاني دون الأول؛ لأن القضاء بالعقدين على هذا الترتيب يوجب انقطاع حق المشتري عن الأول، فلهذا يرد بالعيب ويرجع بالنقصان على الثاني دون الأول.
نوع آخر في الوصي والوكيل والمريض
قال محمد رحمه الله في «الجامع» : رجل اشترى عبداً بألف درهم وقبضه ولم ينقد الثمن حتى مات وأوصى إلى رجل، ولا مال له سوى العبد وعليه دين ألف درهم سوى الثمن، فوجد الوصي بالعبد عيباً فرده بالعيب بغير قضاء القاضي، فرده جائز وليس للغريم نقضه؛ لأن الموجب للرد قد وجد، لو امتنع الرد إنما يمتنع لحق الغريم، وحق الغريم يتعلق بمالية العبد لا بعينه، ولأن الرد بالعيب بغير قضاء بمنزلة بيع جديد في حق الثالث والغريم ثالثهما، فصار في حق الغريم كأن الوصي باع هذا العبد وللوصي هذه الولاية ويرجع الوصي على البائع، فيأخذ منه نصف الثمن ويدفعه إلى الغريم الآخر، والوصي هو الذي يلي ذلك؛ لأن هذا الرد اعتبر بيعاً جديداً في حق الثالث، وقبض الثمن من حقوق العبد، فيكون للعاقد.