إنما يفرد بالفعل فجاز أن يفرد بالضمان الذي يعود إلى الفعل؛ ولأن تقرير الحصة من الثمن المعيب قبل القبض يؤدي إلى التناقض.
بيانه: إنما إذا أقررنا للعيب حصة قبل القبض لا يؤمن من أن يحدث فيه عيب قبل القبض فينتقض التقدير الذي كان؛ لأن العيب الذي يحدث قبل القبض يكون محسوباً على البائع، وما أدى إلى التناقض يكون باطلاً بخلاف ما بعد القبض، فإنا إذا قدرنا للعيب حصة من الثمن بعد القبض لا يتوهم نقضه بعيب يحدث فيه؛ لأنه يكون محسوباً على المشتري، فلا يؤدي إلى التناقض فلهذا افترقنا.
واستدل محمد رحمه الله: في «الكتاب» لبيان أن العيب قبل القبض لا حصة له من الثمن بمسألتين:
أحدهما: أن من اشترى عبداً ووجد به عيباً قبل القبض فصالحه البائع من ذلك العيب على جارية زيادة في البيع ولم يكن عوضاً عن حصة العيب انقسم الثمن على العبد، وعلى الجارية على قيمتهما ولم تكن حصة الجارية من الثمن حصة العيب، حتى لو وجد بأحدهما عيباً رده بحصته من الثمن، وإن كان ذلك بعد القبض كانت حصة الجارية من الثمن حصة العيب، حتى لو كان العيب ينقص العيب عشر قيمته كانت حصة الجارية عشر الثمن.
المسألة الثانية: الوكيل بالشراء إذا وجد بالمبيع عيباً ورضي به، إن كان ذلك قبل القبض لزم الموكل، كأنه اشتراه مع العلم بالعيب، وإن كان ذلك بعد القبض، للعيب حصة من الثمن فوجبت حصة العيب من الثمن للموكل، فصار الوكيل بالرضا بالعيب مبطلاً حق الموكل الذي وجب، وفي العيب قبل القبض.
قال: ولو أن رجلاً اشترى من رجل عبداً وقبضه ونقد الثمن، ثم باعه المشتري من رجل آخر وهب الثمن من المشتري الثاني وأبرأه منه، ثم إن المشتري الثاني وجد به عيباً وأراد أن يرده على البائع الثاني ليس له ذلك، ولو كان ذلك قبل القبض كان له ذلك.
والفرق من قبل القبض ما ذكرنا، ولو كان للمشتري الثاني فيه خيار الشرط أو خيار الرؤية والباقي بحاله فله أن يردها قبل القبض وبعد القبض؛ لأن خيار الشرط يمنع انعقاد العقد في حق الحكم، وخيار الرؤية يمنع تمام الصفقة قبل القبض وبعده في ذلك على السواء فكان الرد امتناعاً عن الإتمام فلا يتوقف على الفائدة، وبعد القبض الصفقة تامة فلم يكن الرد امتناعاً عن الإتمام بل كان إلزاماً، فإذا لم يستفد بمقابلته شيئاً لا يشتغل به القاضي، فإنما سوينا في خيار الشرط وخيار الرؤية بينا قبل القبض وبعده، وفرقنا في خيار العيب بينما قبل القبض وبعده.
نوع آخر في البراءة عن العيوب
إذا باع شيئاً على أنه بريء من كل عيب صح المبيع وتثبت البراءة عن كل عيب.
وقال الشافعي: لا تصح البراءة وعلى هذا الخلاف الإبراء عن الحقوق المجهولة