عن العبد في هذه الصورة مثل رد المولى العبد عليه، ثم أراد المولى رده على العبد لم يكن له ذلك؛ لأن المولى قد برئ من الثمن حين سقط الدين عن العبد، فلم يكن في هذا الرد فائدة فلا يرد هذا الذي ذكرنا إذا كان الثمن دراهم أو دنانير، فإن كان الثمن عرضاً بعينه أو مكيلاً أو موزوناً بعينه، ودين العبد قائم على حاله فوجد المولى بالعبد عيباً رده على العبد إن كان الثمن قائماً في يد
العبد على حاله؛ لأن الرد مفيد؛ لأن فائدة الرد ههنا استحقاق لتسلم هذا العين إلى المولى، ولا يمتنع أن يكون في يد العبد عين واجب التسليم إلى المولى، كما لو غصب من مولاه عيناً، وإن كان العبد قد استهلك الثمن لم يكن للمولى أن يرده؛ لأنه لا يفيد؛ لأنه لا يستفيد به عين الثمن (103ب3) وإنما يستفيد قيمته دينا في الذمة والمولي يستوجب على عبده ديناً، وكذلك لو كان العبد باع العبد من المولى بمكيل أو موزون بغير عينه، المولى عند التسليم لم يملك رده؛ لأن حقه لا يعود في المقبوض بعينه، بل في مثله ديناً في الذمة؛ وهذا لأن حق المشتري عند الرد إنما يعود فيما يثبت فيه حق البائع وقت العقد؛ لأن الرد فسخ العقد، والعبد عند العقد استوجب على المولى مكيلاً أو موزوناً ديناً في الذمة فالمولى عند الرد يستوجب على العبد مكيلاً أو موزوناً ديناً في الذمة أيضاً، والمولى لا يستوجب على عبده ديناً فلا يكون في الرد فائدة فلا يرد.
ولو كان العبد المأذون باع العبد من المولى بعرض بعينه أو بمكيل أو موزون بعينه، وقبض المولى العبد ووجد به عيباً فلم يخاصم العبد في الرد حتى سقط الدين عن العبد لا يملك المولى رد العبد.
وإن كان الثمن قائماً في يد العبد على حاله؛ لأنه لا يستفيد بهذا الرد شيئاً؛ لأنه كما سقط الدين عن العبد فقد تمكن المولى من أخذ الثمن من يد العبد بدون الرد عليه بخلاف ما إذا كان الدين على العبد على حاله؛ لأن هناك المولى لا يتمكن من أخذ الثمن من يد العبد بدون الرد عليه فكان الرد مقيداً، أما هنا فبخلافه هذا كله إذا قبض المولى العبد من المأذون، فإن لم يقبضه حتى وجد به عيباً كان له أن يرده على العبد في الوجوه كلها؛ وإنما كان كذلك؛ لأن قبل القبض الصفقة عين تام لما عرف أن تمام الصفقة بالقبض، ولهذا لا يحتاج في هذا الرد إلى قضاء القاضي، بل يتفرد به العاقد ولما لم تكن الصفقة قبل القبض تامة كان الرد امتناعاً عن إتمام العقد، والعاقد مختار في تحصيل العقد، وإتمامه سواء كانت فيه فائدة حكمته أو لم تكن كما في خيار الرؤية، وخيار الشرط، أما بعد القبض، الصفقة قد تمت، ولهذا لا ينفرد العاقد بالرد بل محتاج فيه إلى قضاء القاضي والقاضي لا يشتغل بما لا يفيد على ما مر؛ ولأن العيب قبل القبض لا حصة له من الثمن، فلا يتوقف صحة الرد بالعيب على استفادته بمقابلته شيئاً ولا شيء بمقابلته، أما بعد القبض له حصة من الثمن، فإذا لم يستفد بمقابلته شيئاً بطل.
وإنما وقع الفرق باعتبار أن الفائت بالعيب وصف، فما دام في يد البائع فهو بيع للمبيع، فلا يكون له حصة من الثمن، وإذا قبضه المشتري فقد احتبس هذا الوصف عند البائع فصار مقصود المكان له حصة من الثمن والأوصاف، وإلا يباع لا لفرد بالعقد فلا يفرد بضمان العقد،