عيب كان عند البائع الأول فإبراء وارث المشتري الأول البائع عن العيب صح الإبراء حتى لو رد العبد عليه صح الإبراء لا يستطيع رده على البائع، وإن كان الرد ممتنعاً في الحال وطريقه ماذكرنا.

أورد محمد رحمه الله هذه المسألة لبيان أن صحة الأداء لا تعتمد قيام الحق لامحالة بل كما يصح الإبراء عند قيام الحق يصح عند وجود سببه.

مكاتب اشترى عبداً وباعه من مولاه وتقابضا أولم يتقابضا حتى عجز المكاتب، ثم وجد المولى به عيباً لم يرده بالعيب؛ لأنه لو رد إما أن يرد على بائع العبد أو على (103أ3) العبد ولا وجه إلى الأول؛ لأن المولى استفاد ملكاً مبتدأً من جهة العبد فلم يملك الرد على بائع العبد ما لم يعد حكم البيع من العبد، وذلك بالرد على العبد ولا وجه إلى الرد على العبد لعدم الفائدة نيابة أن المولى إن نفذ الثمن ففائدة الرد وجوب الثمن ديناً في ذمة البائع والمكاتب بالعجز صار ملكاً للمولى، والمولي لا يستوجب على مملوكه ديناً، وإن لم ينفذ الثمن ففائدة الرد البراءة من الثمن، والمولى يعجز المكاتب ندى عن الثمن، إذ المملوك لا يستوجب على مالكه شيئاً ومالا يفيد لا يرد الشرع به على ما مر بهذا الطريق.d

قلنا: إن من اشترى من آخر عبداً ولم ينقده الثمن حتى وهب البائع الثمن منه، ثم وجد بالعبد عيباً لا يرده، وإنما لا يرد لعدم الفائدة على نحو ما قلنا.

ولو كان المولى اشترى العبد أولاً من رجل وباعه من مكاتبه، ثم عجز المكاتب، ثم وجد المولى بالعبد عيباً وأراد المولى أن يرده على بائعه هل له ذلك؟ لم يذكر هذا الفصل في «الكتاب» . قال مشايخنا: وينبغي أن لا يكون له ذلك؛ لأنه باع ما اشترى منه فلا يملك الرد عليه ما لم يرتفع حكم البيع الثاني، وذلك بالرد وتعذر الرد بحكم البيع الثاني؛ لأن البائع الثاني هو المولى فيصير هو الرد والمردود عليه، وإنه باطل، وإذا تعذر الرد بحكم البيع الثاني تعذر بحكم الأول ضرورة عندما دون عليه دين مستغرق لرقبته.

اشترى عبداً وقبضه، ثم باعه من مولاه، إن باعه بمثل قيمته جاز بيعه بلا خلاف، أما على قول أبي حنيفة؛ فلأن هذا البيع يفيد له ملك العين وملك التصرف؛ لأن دين العبد إذا كان مستغرقاً يمنع الرد وقوع الملك للمولى في أكسابه، وأما قول أبي يوسف ومحمد؛ فلأن هذا البيع إن كان لا يفيد له ملك العين يفيد ملك التصرف؛ لأن دين العبد وإن كان لا يمنع وقوع الملك للمولى في أكسابه يمنع المولى عن التصرف، فهذا البيع يفيد له ملك التصرف، وأنه يكفي لنفاذ البيع أصله: شراء العبد المأذون، فإنه صحيح مع أنه لا يفيد له ملك العين لإفادته ملك التصرف، وكذا شراء رب المال شيئاً من مال المضاربة صحيح، وإنما صح لإفادته ملك التصرف هذا إذا باعه بمثل قيمته، وإن باعه وحابى فيه محاباه فاحشة أو يسيرة لا يجوز، فلم يتحمل في هذا العقد الغبن الفاحش ولا الغبن اليسير.

ومن هذا الجنس مسائل: أحدها هذه، والثانية: المضارب إذا باع ممن لا يقبل شهادته له، فإنه لا يتحمل فيه الغبن اليسير كما لا يتحمل منه الغبن الفاحش.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015