يصر مملوكه للمولى، وأما على المعنى الثالث؛ فلأن الاستيلاد لا يحتمل الرفع فكان الأصل ميؤوس فيظهر حكم الخلف والمكاتب هو الذي يلي الرجوع؛ لأنه من حقوق العقد والمكاتب هو العاقد فكان الرجوع له إلا أن يموت أو يباع بعد العجز على ما مر، فإن إبراء المكاتب البائع عن العيب قبل العجز صح لما قلنا، وإن إبراء المولى لايصح؛ لأن المولى أجنبي عنها، فإنها لم تتكاتب عليه ولم تدخل في ملكه، ولهذا لو أعتقها المولى لايصح بخلاف الولد على ما مر، وإن لم يكن معها ولد فكذلك الجواب على قولهما، وعلى قول أبي حنيفة: له أن يردها بناء على أصل معروف، أن المكاتب إذا ملك أم ولده وليس معها ولد فعلى قولهما تصير أم ولد له ولا يتبعها، وعلى قول أبي حنيفة: لا تصير أم ولد له ويتبعها فهما سواء بينهما إذا كان معهما ولد وجعلها أم ولد له في الحالين.
وأبو حنيفة فرق، ووجه الفرق: أن المكاتب يشبه الحر من وجه ويشبه العبد من وجه فلشبهه بالأحرار جعلها أم ولد له إذا كان معها ولد ولشبهه بالعبيد لا يجعلها أم ولد له إذا لم يكن معهما ولد عملاً بالشبهين جميعاً.
قال: مكاتب أو حر اشترى عبداً أو كاتبه، ثم وجد به عيباً لايرده بالعيب لما قلنا: أن الكتابة مانعة أيضاً لما مر أن الكتابة مانعة من الرد بالعيب لكونها مانعة من البيع ولا يرجع بنقصان العيب أيضاً لما مر أن الكتابة في معنى البيع والبيع يمنع الرجوع بنقصان العيب، فإن إبراء المكاتب أو الحر البائع من العيب صح الإبراء حتى لايكون للمكاتب بعد العجز ولا للحر ولاية الرد بالعيب لما مر، ولو أبرأ المولى البائع قبل عجز المكاتب لايصح الإبراء؛ لأن المولى أجنبي عن اكتساب المكاتب وإنما يملك من يكاتب عليه لأجل الضرورة، فإن التكاتب عليه لا يكون إلا بعد الدخول في ملكه.
وكذلك وارث الحر إذا أبرأ البائع لايصح إبراؤه، وإن كان ذلك في مرض موت الحر؛ لأنه لاملك للوارث في مال مورثه في حال حياته، وفي مرض موته له شبهة الملك، والإبراء لا يثبت بالشبهة، ولهذا لو عفى عن جارح مورثه في الخطأ، لايبرأ، وإنما لم يبرأ لما قلنا: وإذا صح الإبراء للحال لايتوقف على ملك يحدث كالوارث إذا أعتق، ثم مات المولى إذا أعتق عبد المكاتب، ثم عجز المكاتب، فإنه لاينفذ لما قلنا، ولو أن المولى أبرأ البائع بعدما عجز المكاتب الأول قبل عجز الثاني صح الإبراء أما بعد عجز الثاني فلأنهما بالعجز صارا ملكاً للمولى، وأما قبل عجز الثاني فلأن يعجز الأول صار الثاني مملوكاً للمولى وصار المولى فيه قائماً مقام المكاتب ألا ترى أنه كان يصح من المكاتب الأول إبراء البائع قبل عجز المكاتب الثاني؟ فكذا من المولى.
أكثر ما في الباب أن الرد ممتنع، إلا أن سبب حق الرد موجود فحصل الإبراء بعد وجود سبب الحق فيصح على ما مر، وكذا وارث الحر إذا أبرأ البائع بعد موت المورث صح الإبراء؛ لأن الملك والحق له.
وكذلك رجل اشترى عبداً وباعه من آخر، ثم مات المشتري الأول، ثم ظهر بالعبد