في «فتاوى أبي الليث» : وإذا جعل الرجل دراهم الوديعة في جيبه، وحضر مجلس الفسق فسرق منه فلا ضمان؛ لأنه يحفظ ماله هكذا، ذكره في «فتاوى النسفي» ، وإن ظن أنه جعلها في جيبه، فإذا هي لم تدخل الجيب، فعليه الضمان.
إذا قال المودع: لا أدري أضيعت الوديعة، أو لم أضيع، يضمن، أو قال: لا أدري أضاعت الوديعة أو لم تضع، فلا ضمان؛ لأن في الوجه الأول لو تحقق ما يزعم يجب الضمان، وفي الوجه الثاني لا يجب.
في «فتاوى أهل سمرقند» : امرأة أودعت صبية من بنات سنة، واشتغلت بشيء فوقعت الصبية في الماء؛ لا ضمان عليها؛ فرق بين هذا وبين الغصب؛ هكذا ذكر المسألة في «فتاوى أبي الليث» ، وفي هذا الجواب نوع نظر، وينبغي إن لم تغب عن بصرها فلا ضمان، وإن غابت (127ب2) عن بصرها فهي ضامنة.
إذا نام المودع وجعل الوديعة تحت رأسه، أو تحت جنبه فضاع، فلا ضمان عليه، وكذلك إذا وضعه بين يديه، وهو الصحيح، وإليه مال شمس الأئمة السرخسي في شرح كتاب السرقة قالوا: إنما لا يجب الضمان في الفصل الثاني إذا نام قاعداً، أما إذا نام مضطجعاً فعليه الضمان، وقد مر شيء من هذا فيما تقدم، وهذا إذا كان في الحضر، أما إذا كان في السفر، فلا ضمان نام قاعداً أو مضطجعاً.
وفي «فتاوى أبي الليث» : سئل أبو القاسم عمن حمل ثياب الوديعة على دابته، فنزل عن دابته في بعض الطريق، ووضع الثياب تحت جنبه، فسرقت الثياب؛ قال: إن أراد به الترفق فهو ضامن، وإن أراد به الحفظ فلا ضمان، وإن كان مكان الثياب كيس فيه دراهم لم يضمن؛ لأنه لم يجعل ذلك بالدراهم إلا للحفظ.
وفيه أيضاً: إذا كانت الوديعة شيئاً يخاف عليه الفساد، وصاحب الوديعة غائب، فإن رفع المودع الأمر إلى القاضي حتى يبيعه جاز، وهو الأولى، وإن لم يرفع حتى فسد لا ضمان عليه؛ لأن حفظ الوديعة على مقدار ما أمر به.
وفي «الجامع الأصغر:» سئل أبو القاسم عمن عنده وديعة، فرفعها رجل، فلم يمنعه المودع؛ قال: إن أمكنه منعه ودفعه ولم يفعل فهو ضامن، وإن لم يمكنه ذلك لما أنه يخاف من دعاء وضربه فلا ضمان، وذكر شيخ الإسلام في أول وصايا «الجامع:» المودع إذا دل إنساناً على أخذ الوديعة إنما يضمن المودع إذا لم يمنع المدلول من الأخذ حالة الأخذ؛ أما إذا منعه فلا ضمان عليه.
وفي «فتاوى النسفي» : سئل عن مودع ربط سلسلة باب خزانته في الخان بحبل، ولم يقفله، وخرج فسرقت الوديعة؛ قال: إن عد هذا إغفالاً وإهمالاً لا يضمن، وما لا فلا.
وفي «فتاوى الفضلي» : سئل عمن خرج إلى الجمعة، وترك باب حانوته مفتوحاً، وأجلس على باب الدكان ابناً صغيراً، وفي الحانوت ودائع الناس، فسرقت الودائع؛ قال: إن كان الصبي ممن يعقل الحفظ، ويحفظ الأشياء لم يضمن، وإلا فهو ضامن.
وفيه أيضاً: سئل عن مودع غاب عن بيته، فقال له أجنبي: لي في بيتك شيء،