الوديعة إذا أفسدتها الفأرة، وقد اطلع المودع على ثقب معروف؛ إن كان أخبر صاحب الوديعة أن ههنا ثقب الفأرة فلا ضمان، وإن لم يخبر بعدما اطلع عليه، ولم يسده ضمن؛ لأنه ضيعها.

وفي «مجموع النوازل» : سئل نجم الدين عمن دفع خفاً إلى خفَّاف ليصلحه، فتركه الخفاف في حانوته، فسرق ليلاً؛ هل يضمن؟ قال: لا إن كان في الحانوت حافظ، أو في السوق حارس، وكان الشيخ الإمام الأجل ظهير الدين رحمه الله يفتي بعدم الضمان، وإن لم يكن حافظ، ولا حارس، وقد قيل: يعتبر العرف إن كان العرف فيما بين الناس أنهم يتركون الأشياء في الحوانيت من غير حافظ فيها، ومن غير حارس في السوق، فلا ضمان، وإن كان العرف بخلافه يجب الضمان.

وكذلك قيل: لو ترك باب الدكان مفتوحاً وكان في موضع ذلك عرفهم وعادتهم لا ضمان، وفي بخارى أجري العرف بترك باب الدكان مفتوحاً باليوم، وتعليق شيء على باب الدكان نحو الشبكة وأشباه ذلك، والرواية محفوظة فيما ترك الحائك الثوب الذي ينسج بعضه، والغزل في بيت الطراز، ولم يكن هناك حافظ، ولا حارس في السوق أنه لا ضمان على الحائك.

وفي «فتاوى أبي الليث» : المودع إذا وضع الوديعة في الدار، وخرج والباب مفتوح، فجاء سارق ودخل الدار، وسرق الوديعة، فإن لم يكن في الدار أحد في موضع يسمع الحس؛ لأن هذا....

إذا ربط دابة الوديعة على باب داره وتركها ودخل الدار، فضاعت؛ إن كان بحيث يراها، فلا ضمان، وإن كان بحيث لا يراها ضمن؛ إن كان في المصر، وإن كان في القرى فلا ضمان؛ وهذا لأن العادة في حق أهل القرى أن النسوة يجلسن على باب دورهن فيحفظن ما على باب جارهن، فلم يكن مضيعاً، ولا كذلك في الأمصار، وإن ربطها في الكرم أو على رأس الفالة فذهب، فقد قيل: إن غابت عن بصره، فهو ضامن، وإن لم تغب عن بصره، فلا ضمان.

وقد قيل: إذا كان للكرم باب وحيطان فلا ضمان على كل حال، وقد قيل: يعتبر العرف؛ أو قد مر جنس هذا، المودع إذا جعل دراهم الوديعة في خفه، فسقطت عنه قبل أن يجعلها في الخف اليمنى، فهو ضامن، وإن جعلها في الخف اليسرى فلا ضمان، وقيل: لا ضمان على كل حال؛ لأن العادة جرت بجعل الناس أموالهم في خفافهم، ولا يميزون بين اليسرى واليمنى.

وكذلك إذا ربط دراهم الوديعة في طرف كمه، أو جعلها في الأذن أو في طرف العمامة فلا ضمان؛ لأن الناس في عاداتهم يفعلون كذلك بأموالهم، ويعدون ذلك حفظاً، وكذلك لو شد دراهم الوديعة على منديل، ووضع في كمه، فسرق منه فلا ضمان.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015